مثل المعتكف مثل رجل يختلف على باب عظيم لحاجة فالمعتكف يقول لا أبرح حتى يغفر لي.

[وهذا ما تيسر للعاجز الحقير بعناية مولاه القوي القدير، ونسأل الله سبحانه أن يجعله خالصا لوجهه الكريم، وأن ينفع به النفع العظيم، ويجزل به الثواب الجسيم] "*".

ـــــــــــــــــــــــــــــ

ومدده "مثل المعتكف مثل رجل يختلف" أي يتردد ويقف "على باب" ملك أو وزير عظيم أو "إمام لحاجة" يقدر على قضائها عادة "فالمعتكف يقول" لسان حاله إن لم ينطق بذلك لسان قاله "لا أبرح" قائما بباب مولاي سائلا منه جميع مآربي وكشف ما نزل بي من الكرب وصار مصاحبي وتجنبي لذلك أعز إخواني بل عين قرابتي "حتى يغفر لي" ذنوبي التي هي سبب بعدي ونزول مصائبي ثم يفيض بمنته علي بما يليق بأهليته وكرمه إكرام من التجاء إلى منيع حرزه وحماية حرمه وهذه إشارة إلى أن العبد الجامع لهذه المسائل واقف موقف العبد الذليل بباب مولاه عاريا من الأعمال ونسبة الفضائل متوجها إليه سبحانه بأعظم الوسائل مادا أكف الافتقار ملحا بالدعاء والمسائل مطروحا على أعتاب باب الله تعالى مرتجيا شفاعته غدا عنده بما وعد به وهو لكل خير كافل.

"وهذا ما تيسر" من انتخاب الشرح واختصاره اليسير كتيسير المتن وشرحه "للعاجز الحقير" ولم يكن إلا "بعناية مولاه القوي القدير"، {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ} [الأعراف: 43] ، وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد خاتم الأنبياء وعلى آله وصحبه وذريته ومن والاه "ونسأل الله سبحانه متوسلين" إليه بالنبي المصطفى الرحيم "أن يجعله" وشرحه ومختصره هذا عملا "خالصا لوجهه الكريم وأن ينفع به" وبالشرح وبهذا المنتخب منه لتيسير "النفع العظيم ويجزل به" وبهما "الثواب الجزيل" وأن يمتعنا ببصرنا وسمعنا وقوتنا وجميع حواسنا وأن يختم أعمالنا وأن يغفر لنا ولوالدينا ومشايخنا وأصحابنا وإخواننا وذرياتنا وأن يستر عيوبنا ويرزقنا ما تقر به عيوننا حالا ومآلا آمين اهـ.

وكان ابتداء هذا المختصر من الشرح في أواخر جمادى الآخر واختتامه بأوائل رجب الحرام سنة أربع وخمسين بعد الألف وكان ابتداء جمع الشرح الأصلي في منتصف ربيع الأول سنة خمس وأربعين وختم جمعه في المسودة بختام شهر رجب الحرام بذلك العام. وكان انتهاء تأليف متنه في يوم الجمعة المبارك رابع عشر جمادى الأولى اثنتين وثلاثين وألف.

وكان الفراغ من تبيض الشرح المسمى بـ"إمداد الفتاح شرح نور الإيضاح ونجاة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015