قلب. وقرأ الباقون بغير ألف أي متكبرين لا للحاجة، فالغالب على قوم صالح هو اللذات الحسية، وهي طلب المأكول والمشروب والمساكن الطيبة. وأما الغالب على قوم هود فهو اللذات الحالية وهي طلب الاستعلاء والتجبر فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (150) في كل ما أمرتكم به
وَلا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ (151) أي المستكثرين من لذات الدنيا وشهواتها بل اكتفوا واقتصروا منها بقدر الكفاف، الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ (152) . وهذا بيان أن فسادهم فساد خالص ليس معه شيء من الصلاح، فإن حال بعض المفسدين مخلوطة ببعض الصلاح قالُوا إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ (153) أي ممن يأكلون الطعام، ويشربون الشراب كما قال الفراء المسحر من له جوف، ما أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا فكيف تكون نبيا فَأْتِ بِآيَةٍ أي بعلامة تدل على صدقك إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (154) في دعواك أنك رسول إلينا! فقال لهم صالح: ما تريدون؟ قالوا: نريد ناقة عشراء من هذه الصخرة فتلد سقبا فأخذ صالح يتفكر. فقال له جبريل: صل ركعتين وسل ربك الناقة ففعل، فخرجت الناقة، وبركت بين أيديهم ونتجت سبقا مثلها في العظم. وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه رأيت مبركها فإذا هو ستون ذراعا في ستين ذراعا، قالَ لهم صالح:
هذِهِ ناقَةٌ دالة على نبوتي أخرجها ربي من الصخرة كما اقترحتم لَها شِرْبٌ أي نصيب من الماء تشرب منه يوما وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (155) أي ولكم نصيب من الماء تشربون منه يوما ولا تزاحموا على شربها وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ كضرب وعقر فَيَأْخُذَكُمْ عَذابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ (156) فَعَقَرُوها.
روي أن مصدعا ألجأها إلى مضيق، فرماها بسهم، فسقطت، ثم ضربها قدار بالسيف في ساقيها. قال مقاتل وغيره: فخرج في أبدانها خراج مثل الحمص فكان في اليوم الأول أحمر، ثم صار في الغد أصفر، ثم صار في الثالث أسود، وكان عقر الناقة يوم الأربعاء وهلاكهم يوم الأحد، انفقعت فيه تلك الخراجات، وصاح عليهم جبريل صيحة فماتوا بالأمرين، وكان ذلك ضحوة فَأَصْبَحُوا نادِمِينَ (157) أي فصاروا نادمين على قتلها ندم الخائفين من العذاب العاجل، أو ندم التائبين عند معاينة العذاب فلم ينفعهم الندم فَأَخَذَهُمُ الْعَذابُ الموعود على عقرها إِنَّ فِي ذلِكَ أي في أخذهم بالعذاب لَآيَةً أي لعبرة لمن بعدهم. وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ أي أكثر هؤلاء الذين سمعوا القصة من قريش مُؤْمِنِينَ (158) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (159) حيث لا يعالجهم بالعذاب كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ (160) فمن كذب رسولا فقد كذب الكل،
إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ في البلد لا في النسب نبيهم لُوطٌ فإن لوطا ابن أخي إبراهيم، وهما من بلاد المشرق من أرض بابل فلوط كان مجاورا لهم في قريتهم، أَلا تَتَّقُونَ (161) عبادة غير الله إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ من الله أَمِينٌ (162) على الرسالة فَاتَّقُوا اللَّهَ فيما أمركم به وَأَطِيعُونِ (163) أي اتبعوا أمري وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أي الدعاء إلى الله تعالى مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ (164) أي جامع الخلق ومربيهم، أَتَأْتُونَ الذُّكْرانَ مِنَ الْعالَمِينَ (165) أي أتأتون الذكران من أولاد آدم مع كون النساء