[سورة الأنبياء (21) : الآيات 111 إلى 112]

بالإعادة، وعدا حقا علينا إنجازه بسبب الإخبار عن ذلك، وتعلق العلم بوقوعه. إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ (104) أي إنا سنفعل ذلك لا بد فوقوع ما علم الله وقوعه واجب. وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أي وبالله لقد كتبنا في كتاب داود بعد ما كتبنا في التوراة، أو لقد كتبنا في جميع كتب الأنبياء بعد ما أثبتنا في اللوح المحفوظ، أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ (105) . أي أن أرض الكفار يفتحها المسلمون، وهذا حكم من الله بإظهار الدين، وإعزاز المسلمين. إِنَّ فِي هذا أي في المذكور هذه السورة من البراهين الدالّة على التوحيد وصحة النبوة، لَبَلاغاً أي لكفاية، لِقَوْمٍ عابِدِينَ (106) أي عاملين بعلومهم وهم أهل الصلوات الخمس، وشهر رمضان. وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ (107) أي وما أرسلناك يا أشرف الخلق بالشرائع، إلّا رحمة للعالمين أي إلّا لأجل رحمتنا للعالمين قاطبة في الدين والدنيا.

فإن الناس في ضلالة وحيرة، فبعث الله سيدنا محمد صلّى الله عليه وسلّم، فبيّن صلّى الله عليه وسلّم سبيل الثواب وأظهر الأحكام، وميّز الحلال من الحرام. وإن كل نبيّ قبل نبيّنا إذا كذّبه قومه، أهلكم الله بالخسف، والمسخ، والغرق فالله تعالى أخّر عذاب من كذب نبينا إلى الموت، ورفع عذاب الاستئصال عنهم به صلّى الله عليه وسلّم. قُلْ يا أكرم الرسل، إِنَّما يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ، أي إنما يوحى إليّ وحدانية إلهكم، فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (108) أي يا أهل مكة خصّصوا العبادة بإلهكم الواحد وهو الله تعالى، فالاستفهام بمعنى الأمر. فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلى سَواءٍ وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ ما تُوعَدُونَ (109) أي فإن أعرضوا عن توحيد المعبود، فقل يا سيّد الرسل: إني أعلمتكم بأني محارب لكم على إعلان، ولكن لا أدري متى يأذن الله لي محاربتكم. فتبيّن بهذا أن السورة مكية، فإن الأمر بالجهاد كان بعد الهجرة إِنَّهُ تعالى، يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ أي ما تجاهرون به من الطعن في الإسلام، وَيَعْلَمُ ما تَكْتُمُونَ (110) ، من الأحقاد للمسلمين، ومن النفاق، فيجازيكم عليه.

وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ (111) أي ما أدري لعلّ تأخير الجهاد استدراج وضرر لكم، وتمتع لكم إلى انقضاء آجالكم. قالَ أي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وقرأ حفص بصيغة الماضي. والباقون بصيغة الأمر: رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ أي احكم بيننا وبين أهل مكة بالعدل المستلزم لتعجيل العذاب وقد استجيب دعاؤه صلّى الله عليه وسلّم، حيث عذّبوا في بدر، وأحد، والخندق، وحنين. وَرَبُّنَا الرَّحْمنُ أي كثير الرحمة على عباده، الْمُسْتَعانُ أي المطلوب منه المعونة عَلى ما تَصِفُونَ (112) أي تقولون: إن الشوكة تكون لهم، وإن راية الإسلام تخفق ثم تركد. فكذب الله ظنونهم وخذلهم، ونصر رسوله صلّى الله عليه وسلّم والمؤمنين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015