في هذه المسألة أيضاً من أسلم في دار الكفر ولم يجد من يعلمه أمر دينه كالصلاة والصوم، ومن نشأ على شاهق جبل وهو على الفطرة ولم يجد من يعلمه، ثم بعد ذلك حصل العلم بأمور الدين
لكل منهما فعلى أن الحكم يثبت بالورود فعليهما قضاء ما فاتهما من الصلاة والصوم، وعلى أنه لا يستقل الا ببلوغه للمكلف فلا قضاء عليهما، واحتج من قال لا يستقل الا ببلوغه للمكلف بأن الناسخ خطاب والخطاب يشترط فيه علم المخاطب به فلا يكون خطاباً في حق من لم يبلغه، ورد القائلون بثبوته بالورود وان لم يبلغ المكلف، الاحتجاج بقصة أهل قباء بأن الخطأ في القبلة يعذر فيه كمن صلى إلى غير القبلة يظن أنها القبلة، وكما يدل له قوله تعالى: " فأينما تولوا فثم وجه الله " على أحد التفسيرات وعليه أكثر أهل العلم والى
هذه المسألة أشار في المراقي بقوله:
هل يستقل الحكم بالورود ... أو ببلوغه الى الموجود
فالعزل بالموت أو العزل عرض ... كذا قضاء جاهل للمفترض
قال المؤلف رحمه الله تعالى: ـ
(فصل)
يجوز نسخ القرآن بالقرآن والسنة المتواترة بمثلها والآحاد بالآحاد، الخ.
أعلم أن هذه الصور الثلاث لا خلاف فيها بين العلماء يعتد به كما حكى غير واحد عليها الاجماع، وخلاف من خالف في ذلك لا يعتد به ولا وجه له، فنسخ القرآن بالقرآن كنسخ الاعتداد بالحول بالاعتداد