والحق أن هذا أسلوب من أساليب اللغة، ومنه الآيتان، نعم زعم قوم من علماء البلاغة أن المشاكلة من علاقات المجاز المرسل، فسموا ما استعمل في غير معناه عندهم للمشاكلة مجازاً، وأما تفسيره " يؤذون الله" بقوله يؤذون أولياءه فليس بصحيح، بل معنى ايذاءهم

الله كفرهم به وجعلهم له الأولاد والشركاء، وتكذيبهم رسله. ويوضح ذلك حديث (ليس أحد اصبر على أذى يسمعه " من الله انهم يدعون له ولداً وأنه ليعافيهم ويرزقهم) ، وأكثر المتأخرين على أن في الآيات التي ذكرها المؤلف مجازاً، كما هو معروف، وقد بينا منع القول بالمجاز في القرآن في رسالتنا التي ألفناها في ذلك، وقول المؤلف في تعريف المجاز، وهو اللفظ المستعمل في غير موضعه الاصلي على وجه يصح، يعني بقوله على وجه يصح أن تكون هناك علاقة بين المعنى الأصلي والمعنى المجازي، وأن تكون ثم أيضاً قرينة صارفة عن قصد

المعنى الأصلي، وتعريفه للمجاز لا يدخل فيه الا اثنان من أنواع المجاز الأربعة، وهما المجاز المفرد وهو عندهم الكلمة المستعملة في غير ما وضعت له لعلاقة مع قرينة صارفة عن قصد المعنى الأصلي، والعلاقة ان كانت المشابهة كقولك رأيت أسداً يرمي سمي هذا النوع من المجاز استعارة، وحد الاستعارة مجاز علاقته المشابهة، وان كانت علاقته غير المشابهة كالسببية والمسببية ونحو ذلك سمي مجازاً مفرداً مرسلاً كقول الشاعر:

أكلت دماً ان لم أرعك بضرة ... بعيدة مهوى القرط طيبة النشر

أطلق الدم وأراد الدية مجازاً مرسلاً علاقته السببية لأن الدية المعبر عنها بالدم سببها الدم وهي مسبب له.

الثاني من النوعين الذين دخلا في كلامه، المجاز المركب وضابطه أن يستعمل كلام مفيد في معنى كلام مفيد آخر، لعلاقة بينهما ولا نظر فيه إلى المفردات، فقد تكون حقائق لغوية، وقد تكون مجازات مفردة، وقد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015