بالشهود فشهد الأربعة على أنها تزني بالكلب فرجمها داوود، قالوا وكان سليمان اذا ذاك صغيراً فجمع سليمان الصبيان وجعل منهم شرطاً قال فلان وفلان جعلهم كالشرطين وأخذ قوماً وجعلهم شهوداً وجاءوا يشهدون فقام وجعل رجلاً كأنه امرأة وقالوا نشهد أن هذا زنت مع كلبها ثم قال سليمان للسياف والذين جعلهم كالشرط خذوا كل واحد منهم وفرقوهم وائتوني بهم واحداً واحداً، فجاءوه بالأول وقال له: ما تقول في شهادتك؟ قال: أقول انها زنت بكلبها. قال له: وما لون الكلب؟ قال: كان لون الكلب أحمر.
ثم دعا بالثاني وقال: ما لون الكلب؟ قال: كان لون الكلب أسود، ثم دعا بالآخر فقال: أغبر، فاختلفت أقوالهم في لون الكلب فعلم أنهم كذبة فقال: اقتلوهم لأنهم قتلوها وسمع داوود الخبر فأرسل للشهود حالاً وفرقهم وجاؤه واحداً واحداً فسألهم واختلفوا في لون الكلب فعلم أنهم شهدوا عليها شهادة زور ليقتلوها حيلة فقتلهم قصاصاً. هكذا قال والله أعلم.
وعلى كل حال فالقياس هو قسمان صحيح وقياس فاسد فما جاء به الظاهرية من ذم القياس والسلف فهو ينطبق على القياس الفاسد، والصحابة كانوا باجماع على القياس الصحيح. وقد جاء عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أرسله إلى اليمن جاءه ثلاث نفر يختصمون في غلام كل يقول هو ابني فقال: اقترعوا على الغلام فوقعت القرعة على واحد منهما فقال للذي جاء الغلام في نصيبه قال له: خذ الغلام الغلام وادفع لكل واحد منهما ثلث الدية ثلث دية الغلام.
قالوا: فلما بلغ قضاؤه النبي - صلى الله عليه وسلم - ضحك من قضاء علي رضي الله عنه حتى بدت نواجذه.
ومن ذلك حديث معاذ الذي قال له: بم تقضي قال بكتاب الله قال وان لم تجد قال فبسنة رسول الله - صلى الله عليه