به من الله تعالى، اذ لا بد من نية التقرب به إلى الله تعالى ونية التقرب إليه عز وجل لا تمكن الا بعد معرفة أن الأمر المتقرب به إليه أمر منه جل وعلا، وأما معقول المعنى فلا يشترط فى صحة فعله نية التقرب ولكن لا أجر له فيه البته الا بنية التقرب إلى الله تعالى.
ومثال ذلك رد الأمانة، والمغصوب وقضاء الدين، والانفاق على الزوجة. فمن قضى دينه وأدى الأمانة ورد المغصوب مثلا لا يقصد بشيء من ذلك وجه الله بل لخوفه من عقوبة السلطان مثلا ففعله صحيح دون النية وتسقط به المطالبة فلا يلزمه الحق فى الآخرة بدعوى أن قضاءه فى الدنيا غير صحيح لعدم نية التقرب بل القضاء صحيح والمطالبة ساقطة على كل حال ولكن لا أجر له الا بنية التقرب، وهذا هو مراد المؤلف بقوله وهذا يختص بما يجب به قصد الطاعة والتقرب.
قال المؤلف:
(الثانى) أن يكون معدوماً أما الموجود فلا يمكن ايجاده فيستحيل الأمر به.
ايضاح معنى هذا الشرط أنه يشترط فى المطلوب المكلف به أن يكون الفعل المطلوب معدوماً، فالصلاة والصوم المأمور بهما وقت الطلب لا بد أن يكونا غير موجودين، والمكلف ملزم بايجادهما على الوجه المطلوب، أما الموجود الحاصل فلا يصح التكليف به كما لو كان صلى ظهر هذا اليوم بعينه صلاة تامة من كل جهاتها، فلا يمكن أمره بايجاد تلك الصلاة بعينها التي أداها على أكمل وجه لأن الأمر بتحصيلها معناه أنها غير حاصلة والفرض أنها حاصلة فيكون تناقضاً،
ومن هنا قالوا تحصيل الحاصل محال لأن السعى فى تحصيله معناه أنه غير حاصل بالفعل وكونه حاصلا بالفعل ينافى ذلك فصار المعنى هو غير حاصل هو حاصل. وهذا تناقض واجتماع القيضين مستحيل.