النار لأن طبيعة الطين الرزانة والتؤدة والاصلاح والجمع تودعه الحبة فيعطيها سنبلة وتودعه النواة فيعطيكها نخلة وإذا نظرت إلى البساتين المغروسة في طين طيب ورايت ما فيها من أنواع الثمار الجنية والروائح والأزهار والثمار عرفت قيمة الطين. أما النار فطبيعتها الطيش والخفة يطير الشرر من هنا فيحرق ما هناك ثم يطير الشرر من هناك فيحرق ما وراءه والذي طبيعته الطيش والخفة والافساد والتفريق لا يكون خيراً من الذي طبيعته التؤدة والجمع والإصلاح تودعه الحبة فيعطيها سنبلة
وتودعه النواة فيعطيها نخلة. فالطين خير من النار بأضعاف وذلك غلب على إبليس عنصره وهو الطيش والخفة فطاش وتمرد على ربه وخسر الخسران الأبدي وغلب على آدم عنصره الطيني لما وقع في الزلة رجع إلى السكينة والتؤدة والتواضع والاستغفار لربه حتى غفر له.
... الثالث: أنا لو سلمنا تسليماً جدلياً أن النار خير من الطين فشرف الأصل لا يدل على شرف الفرع، فكم من أصل شريف وفرعه وضيع وكم من أصل وضيع وفرعه رفيع.
... وأعلم أن العلماء في هذا المحل يعيبون القياس ويذمون الرأي ويقولون إن من قاس فقد اتبع إبليس لأنه أول من رد النصوص بالقياس. وعن ابن سيرين رحمه الله: (ما عبدت الشمس غلا بالمقاييس) ويذكرون في كلام السلف ذم الرأي والقياس.
... ومن أشنع من يحمل على المجتهدين في القياس الظاهرية وبالأخص أبو محمد ابن حزم عفا الله عنا وعنه فإنه حمل على أئمة الهدى رحمهم الله