.. والحاصل أن القياس الأول يترجح بأن علته جمع بها النبي صلى الله عليه وسلم بين ذلك الأصل والفرع فصارت مردودة إلى أصل قاس الشارع عليه كما مثلنا.
... ثم قال المؤلف رحمه الله: ومتى كان أصل إحدى العلتين متفقاً عليه والآخر مختلفاً فيه كانت المتفق على أصلها أولى، فان قوة الأصل تؤكد قوة العلة، وكذلك ترجح كل علة قوى أصلها، مثل أن يكون أحدهما بخبر متواتر، والآخر بآحاد، أو أحدهما ثابت بروايات كثيرة، والآخر برواية واحدة، أو أحدهما بنص والآخر صريح، والآخر بتقدير أو اضمار.
... وحاصل كلامه من أن العلة ترجح بقوة حكمها فإذا تعارضت علتان وكان ما يثبت به حكم احداهما أقوى مما يثبت به حكم الأخرى، فان قوة حكمها مرجحة لها لأن قوة الأصل تؤكد قوة العلة. هكذا قال.
... والأسباب التي تقوي أحد الحكمين على الآخر كثيرة، منها: أن يكون أحد الحكمين منصوصاً. والآخر مستنبطاً، فعلة المنصوص تقدم على علة المستنبط، كما لو قال أحد المجتهدين الأرز يمنع فيه الربا قياساً على الذرة بجامع الاقتيات والادخار.
فترجع العلة الأولى لأن أصلها وهو البر منصوص على تحريم الربا فيه، بخلاف الذرة التي هي الأصل في القياس في الآخر فتحريم الربا فيها مستنبط لا منصوص، ويمثل لهذا أيضاً بما إذا كان أحد الأصليين متفقاً على حكمه والآخر مختلفاً فيه فان تحريم الربا في البر مجمع عليه، وتحريمه في الذرة خالف فيه الظاهرية.
ومنها أن يشهد لحكمها أصلان كما قدمنا في ضمان الغاصب والمستعير منه، بمطلق وضع اليد، مع قول القائل أنه لا بد من وضع اليد من قصد التملك، ومراده بمحتمل النسخ النص، وبما