.. ومن أمثلة ذلك قول المالكي: علة تحريم الربا في البر الاقتيات والادخار، مع قول الشافعي: علة تحريم الربا فيه الطعم، لأن علة الشافعي هنا قد ترجح بموافقتها لحديث معمر بن عبد الله في صحيح مسلم: " كنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (الطعام بالطعام مثلا بمثل) .. الحديث ". وقصدنا مطلق المثال لا مناقشة الأقوال.
... ... والشأن لا يعترض المثال ... ... إذ قد كفى الفرض والاحتمال
... وترجح العلة أيضاً بكونها ناقلة عن الأصل كالخبر فقوله في حديث عدم نقض الوضوء بذلك إذ لا ينقض الوضوء بمس عضو لعضو من انسان واحد. وحديث " من مس ذكره فليتوضأ " يدل بمسلك الإيماء والتنبيه على أن علة الوضوء فيه مس الذكر. فهذه العلة ناقلة عن الأصل، والعلة المقتضية البقاء على الأصل في عدم وجوب الوضوء التي هي " وهل هو إلا بضعة منك؟ " موافقة للبراءة الأصلية. فتقدم عليها الناقلة عن الأصل فيجب الوضوء من مس الذكر.
... وهذان الحديثان صالحان لمثال الحكم الناقل عن الأصل ن والعلة الناقلة عن الأصل معاً، ولذا مثلنا لهما بهما.
... ثم ذكر المؤلف رحمه الله أنه إذا تعارضت علتان احداهما حاظرة والأخرى مبيحة، أو علتان احداهما مسقطة للحد والأخرى موجبة له، أو علتان أحدهما موجبة للعتق والأخرى نافية له، فقد اختلف أهل العلم في ترجيح الحاظرة والمسقطة للحد، والموجبة للعتق على مقابلاتها، فرجح بذلك قوم احتياطياً للحظر ونفي الحد ن ولأن الخطأ في نفي هذه الأحكام أسهل من الخطأ في إثباتها، ومنع آخرون الترجيح بذلك من حيث أنهما
حكمان شرعيان فيستويان، ولأن سائر العلل لا ترجح بأحكامها فكذا