تقديم رواية المثبت أن معه زيادة علم خفيت على صاحبه، وقد عرفت أن ذلك لا يلزم في جميع الصور مما ذكرناه آنفاً.
... ويقدم عنده الحاظر على المبيح، وقبل: لا. والحظر المنع، ومثال تقديم الحاظر على المبيح تقديم عموم قوله: وأن تجمعوا بين الأختين، المقتضي بعمومه منع الأختين بملك اليمين على عموم.. أو ما ملكت أيمانهم الشامل بعمومه للأختين بملك اليمين، وهذا مبيح وذلك حاظر فقد الحاظر على المبيح.
... ومن فروع تعارض الحاظر والمبيح عند بعضهم المتولد بين المأكول وغيره كولد الذئب من الضبع عند من يمنع أكل الذئب ويبيح أكل الضبع، فعلى تقديم الحاظر على المبيح لا يؤكل وعلى القول بالعكس يؤكل. وقيل: الحاظر والمبيح لا يرجح أحدهما على الآخر، فيطلب الترجيح بسواهما.
... ووجه تقديم الحاظر على المبيح، أن ترك مباح أهون من ارتكاب حرام، وزاد بعض الأصوليين تقديم الخبر الدال على الأمر على الدال على الإباحة.
... ووجه ذلك هو الاحتياط في الخروج من عهدة الطلب، وأن الخبر الدال على النهي مقدم على الدال على الأمر، ووجهه عندهم أن درئ المفاسد مقدم على جلب المصالح، ومن أمثلته عند القائل به: ترك تحية المسجد في وقت النهي.
... أما الخبر المسقط للحد فلا يرجح على الخبر الموجب له عند المؤلف. وكذلك عنده الخبر الموجب للحرية لا يرجح على الخبر المقتضي للرق. قال: لأن ذلك لا يوجب تفاوتاً في صدق الراوي فيما ينقله من لفظ الإيجاب والإسقاط.
وذهب المالكية وغيرهم إلى أن الخبر النافي للحد مقدم على الخبر الموجب له، قالوا: لما في الخبر النافي للحد من اليسر الموافق