على ترك ذلك النص إلا لنص آخر هو مستند الاجماع.

... فمثال الأول: ما لو تنازع خصمان في الأخت من الرضاع هل يحل وطؤها بملك اليمين؟ فقال أحدهما: لا يحل ذلك لقوله تعالى: " وأخواتكم من الرضاعة " وظاهرة يشمل النكاح وملك اليمين، فقال خصمه: يحل وطؤها بملك اليمين لعموم قوله تعالى: " والذين هم لفروجهم حافظون

إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم ... " الآية في قد أفلح وسأل سائل وظاهرها الاطلاق في الأخت من الرضاع وغيرها.

... فيقول خصمه: أجمع جميع المسلمين على منع وطء الأخت من الرضاع بملك اليمين، فهذا الاجماع مقدم على قوله تعالى: " أو ما ملكت أيمانهم ".

... والمقدم في الحقيقة النص المستند إليه الاجماع وهو قوله تعالى: " وأخواتكم من الرضاعة ".

... ومثال الثاني: المضاربة المعروفة في اصطلاح بعض الفقهاء بالقراض. فان ظاهر النصوص العامة منعها لأن الربح المجعول للعامل جزء منه لا يدري هل يحصل منه قليل أو كثير أو لا يحصل شيء. وهذا داخل في عموم الغرر، ولم يثبت نص صحيح يجب الرجوع إليه من كتاب ولا سنة بجواز المضاربة، والحديث الوارد فيها ضعيف لا يحتج به، إلا أن الصحابة أجمعوا على جواز المضاربة وكذلك من بعدهم فقدم هذا الاجماع على ظاهر تلك النصوص الدالة على منع الغرر لعلمنا بأنهم استندوا في اجماعهم إلى شيء علموه منه صلى الله عليه وسلم يدل على

اباحة ذلك. والله أعلم.

... وأعلم أن التعارض لا يكون بين قطعيين ولا بين قطعي وظني وإنما يكون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015