فان قيل قد دل القرآن على تكليف السكران فى قوله تعالى: "لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى" لأن قوله وأنتم سكارى جملة حالية العامل فيها لا تقربوا وصاحبها الضمير الذى هو الواو والمعروف فى علم العربية أن الحال ان كانت غير مقدرة، فوقتها هو بعينه وقت عاملها فيلزم من ذلك أن وقت النهى عن قربان الصلاة هو وقت السكر بعينه ونهى السكران في وقت سكره يدل على أنه مكلف، فالجواب عن هذا الاشكال من الجهتين اللتين ذكرهما المؤلف.
الاولى: أن المراد بالنهى، النهى عن شرب الخمر فى أول الأسلام قبل تحريمها قرب أوقات الصلاة بحيث يغلب على الظن أنها يدخل وقتها وهو سكران، لأن من شرب المسكر فى وقت يظن فيه أنه يأتى وقت الصلاة وهو سكران فكانه عالم بأن صلاته تكون فى وقت سكره، ودليل هذا الوجه أن الآية لما نزلت كانوا لا يشربونها الا فى وقتين بعد صلاة العشاء وبعد صلاة الصبح، وفيما بين الصبح والظهر، وأما فى غير ذينك الوقتين فلا يشربونها لأن وقت الصلاة فى غيرهما يدخل قبل صحو السكران وهو واضح.