والمباح فى اللغة: هو ما ليس دونه مانع يمنعه، ومنه قول عبيد بن الأبرص:
ولقد أبحنا ما حميت ... ولا مبيح لما حمينا
قد دلت آيات من كتاب الله على أن استصحاب العدم الاصلي حجة على عدم المؤاخذة بالفعل حتى يرد دليل ناقل عن العدم الاصلى، من ذلك أنهم كانوا يتعاملون بالربا. فلما نزل تحريم الربا خافوا من أكل الاموال الحاصلة منه بأيديهم قبل تحريم الربا، فأنزل الله فى ذلك: "فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله من سلف وأمره إلى الله " فقوله تعالى: "فله ما سلف" يدل على أن ما تعاملوا به من الربا على حكم البراءة الاصلية قبل نزول التحريم لا مؤاخذة عليهم به، ونظير ذلك قوله: " وأن تجمعوا بين الأختين الا ما قد سلف " فان قوله
تعالى "الا ما قد سلف" فى الموضعين استثناء منقطع، أي لكن ما سلف قبل التحريم على حكم البراءة الاصلية فهو عفو.
ونظائر هذا فى القرآن الكريم كثيرة ومن أصرح الآيات فى ذلك قوله تعالى: (وما كان الله ليضل قوماً بعد اذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون) .
فانهم لما استغفروا لموتاهم المشركين فنزل قوله تعالى:
(ما كان للنبى والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولى قربى) .