الأول: ان الأمور القطعية في الشرع قليلة والأغلب فيه الظنيات فلو علق العمل على القطع لتعطل أغلب الأحكام لندرة القواطع وقلة مدارك اليقين.
الثاني: أنه صلى الله عليه وسلم مبعوث إلى الناس كافة ولا تمكن مشافهة جميعهم ولا إبلاغ جميعهم بالتواتر.
الثالث: ان العدل الراوي لخبر الواحد مظنون الصدق لعدالته والظن أرجح من مقابله والعمل بالراجح يوجبه العقل فمتى ترجح وجود أمر الله ورسوله بأخبار العدل فالعمل له اذن أرجح من مقابلة فالعقل يقتضيه , وأجاب المخالفون عن الأمور الثلاثة بأنه لا يلزم من عدم التعبد به تعطل الأحكام لامكان البقاء على البراءة الأصلية واستصحاب العدم الأصلي وكذلك الظن الناشئ منه قالوا لا يرفع حكم اليقين الثابت بالبراءة الأصلية واستصحاب العدم الأصلي قالوا والنبي صلى الله عليه وسلم يكلف بتبليغ من
أمكنه تبليغه من أمته دون من لم يمكنه.
قال مقيده عفا الله عنه: -
التحقيق ان العقل بالنظر إليه وحده لا يمنع التعبد بخبر الواحد ولا يوجبه فكلا القولين المتقدمين باطل بلا شك أعني قول من قال يمنعه العقل كالأصم والجبائي وقول من قال يوجبه وهو أبو الخطاب فالعقل يجيز التعبد به ولا يمنعه ولا يوجبه وهذا هو الحق إن شاء الله تعالى.
قال المؤلف:
(فصل)
فأما التعبد بخبر الواحد سمعا فهو قول الجمهور خلافاً لأكثر القدرية وبعض أهل الظاهر ولنا دليلان قاطعان الخ ... خلاصة ما ذكره المؤلف في هذا الفصل أن التعبد بخبر الواحد بالنظر إلى الحكم الشرعي فهو مراده بقوله سمعا هو مذهب الجمهور خلافاً لأكثر القدرية