واليك مثلا نزيد به التعريف وضوحاً وهو أن الواجب في أول الإِسلام مصابرة الواحد من المسلمين للعشرة من الكفار في الحرب ثم نسخ ذلك بوجوب مصابرة الواحد من المسلمين للاثنين من الكفار فوجوب مصابرة الواحد للعشرة حكم ثبت بخطاب متقدم هو قوله تعالى: {إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين} فرفع هذا الحكم بخطاب آخر متأخر عنه وهو قوله تعالى: {الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفاً فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين} الآية.
جواز النسخ ووقوعه
النسخ جائز عقلا وواقع شرعاً ودليل ذلك قوله تعالى: {ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها} ، وقوله تعالى: {يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب} ، وقوله: {وإذا بدلنا آية مكان آية} ، الآية.
وقوله صلى الله عليه وسلم فيما صح عنه: "كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنها تذكر الآخرة".
فدل ذلك على جوازه عقلا وشرعاً إذ لو كان ممتنعاً لم يقع لكنه وقع للنصوص المذكورة وما في معناها.
نسخ الرسم والحكم
ينقسم النسخ بهذا الاعتبار إلى ثلاثة أقسام:
1- نسخ رسم الآية مع بقاء حكمها مثال ذلك آية الرجم وهي. قوله تعالى: {الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم} . كما ثبت التنويه بهذه الآية عن عمر رضي الله عنه في خطبته في الصحيحين.
2- نسخ حكم الآية دون رسمها، مثال ذلك نسخ حكم آية اعتداد المتوفى عنهن أزواجهن حولا مع بقاء رسمها في المصحف وتلاوتها.
3- نسخ رسم الآية وحكمها معاً. مثال ذلك: ما ثبت في صحيح مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها، كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات فتوفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن فيما يقرأ من القرآن فآية التحريم بعشر الرضعات منسوخ رسمها وحكمها، وآية التحريم بخمس الرضعات منسوخ رسمها دون حكمها، فقد اجتمع في هذا الحديث مثالان:
أ- لمنسوخ التلاوة والحكم.