ليس من شرط البيان أن يعلمه جميع المكلفين الموجودين في وقته بل يجوز أن يكون بعضهم جاهلا به فإنه يقال بين له غير أنه لم يتبين مثال ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم بين أن عمل قوله تعالى: {يوصيكم الله في أولادكم} ، لا يتناول الأنبياء بقوله: "إنا معاشر الأنبياء لا نورث " فلا يقدح في هذا البيان أن فاطمة رضي الله عنها لم تعلم به وجاءت إلى أبي بكر تطلب ميراثها منه صلى الله عليه وسلم.
في تقسيم الكلام إلى حقيقة ومجاز ثلاثة آراء
أعلم أولاً أن للناس في تقسيم الكلام إلى حقيقة ومجاز ثلاثة آراء:
1- منع هذا التقسيم أصلا وأنه لا مجاز لا في القرآن ولا في اللغة العربية، ومن الذاهبين إلى ذلك أبو إسحق الإِسفرائيني وقد نصر هذا القول شيخ الإِسلام ابن تيمية في كتاب الإِيمان فقال: إن تقسيم الكلام إلى حقيقة ومجاز اصطلاح حادث بعد انقضاء القرون الثلاثة لم يتكلم به أحد من الصحابة ولا التابعين لهم بإحسان ولا أحد من الأئمة المشهورين في العلم كمالك والثوري والأوزاعي وأبي حنيفة والشافعي بل ولا تكلم به أئمة اللغة والنحو مثل: الخليل وسيبويه وأبي عمرو بن العلاء ونحوهم إلى- أن قال- وهذا الشافعي هو أول من جرد الكلام في أصول الفقه لم يقسم هذا التقسيم ولا تكلم بلفظ الحقيقة والمجاز.
2- منع وجود المجاز في القرآن دون اللغة ونسبه في كتاب الإيمان إلى أبي الحسن الجزري وابن حامد من الحنابلة ومحمد بن خويزمنداد من المالكية وإلى داود بن علي الظاهري وابنه أبي بكر.
3- وقوع المجاز في اللغة وفي القرآن وهو قول القاضي أبي يعلى وابن عقيل وأبي الخطاب وغيرهم من الحنابلة ورجحه ابن قدامة في روضة الناظر ونسبه الزركشي في كتابه البرهان في علوم القرآن إلى الجمهور وإليك كلاما موجزا يتعلق بتقسيم الكلام إلى حقيقة ومجاز عند من يرى ذلك التقسيم: