كان هناك اتجاه عام لرد هذه الحركة إلى أصول شرقية حديثة كالتي أبدعها جمال الدين ومحمد عبده. ولكن كان يعيبها أنها لا تأخذ باعتبارها التقاليد المحلية.
في الواقع إن (الحركة الإصلاحية) في الجزائر قد اتصفت بصفة الدوام والاستمرار، وربما كان ذلك في العالم الإسلامي كله أيضاً، فقد كان الداعون للتجديد يتعاقبوق ابتداء من (ابن تيمية) في القرن الثامن الهجري؛ وكان محمد بن عبد الوهاب- مؤسس أول إمبراطورية وهابية قوّض أركانها بعد ذلك محمد علي- في الحقيقة استمراراً لابن تيمية في الجزيرة العربية.
وجَدُّ الملك الحالي لليبيا (?) كان أيضاً استمراراً لهذا الاتجاه، وأخيراً لعل أقرب من نشير إليهما في الزمان والمكان: الشيخ (بن مهنا) وتلميذه (المجاوي) اللذان حملا في نهاية القرن الماضي في قسنطينة لواء هذه الحركة.
وقد تولى الشيخ (مولود بن موهوب) جذب أفكارنا وعقولنا إلى خط تلك الحركة التقليدية القديمة، ولكنها وجدت في أرواحنا عناصر جديدة أضيفت إلى بنائها.
فمن جهة عامة كان أساتذتنا الفرنسيون يصبون في نفوسنا محتوى ديكارتياً، يبدد ذلك الضباب الذي نمت فيه العقلية الميثولوجية التي تتعاطف مع الخرافات النامية في الجزائر؛ ومن جهتي أنا فقد كان الأستاذ (بوبريتي رضي الله عنهohreiter) قد فتح لي آفاقاً جديدة. ولم يكن ذلك بفضل دروسه المقررة علينا كتاريخ الأزمنة القديمة والأدب الفرنسي- وإن تكن هذه قد تركت أثراً لا ينكر- إنما بفضل توجيهاته فيما نقرأ من كتب.