القضية الإسلامية من ناحيتها الإيديولوجية، ومع أخيه (صالح) أناقشها من وجهتها الاجتماعية، ومع أحبابي من جمهورية (تريفيز) أتناول الموضوعات الثقافية، ويسليني صديقي (الباسكي) بحديثه عن سلوك بعض معارفه من طلاب مدرسة الفنون الجميلة، وكان طبعاً حديثي في المدرسة عن الأشياء التكنية.
والأمر الجديد في علاقاتي الودية تلك السنة، كان (علي بن أحمد)، وهو مثلي من تبسة وتربطني به قرابة، وقد تقاطعت قبل ذلك خطوط حياتنا سنة 1925، إذ دخل إلى (المدرسة) في الوقت الذي تخرجت منها، وعندما لاقيته صدفة سنة 1930، بأحد شوارع (عنابة)، قرأت عليه قصيدة لي باللغة الفرنسية، قبل أن أمتطي الباخرة التي نقلتني إلى مرحلتي هذه، ثم ها هو ذا يأتيني نبؤه أثناء إجازتي الأخيرة بتبسة، في صورة العدد الأول من جريدة (صوت الشعب) التي صدرت ذلك الصيف في العاصمة الجزائرية، ولا أدري هل يتذكرها أي جزائري اليوم؟
لقد أصدرها (علي بن أحمد) مع بعض صغار صيادي السمك وبعض باعة البقول، كان هو يمدها بمادة العقل وهم يمدونها بالمال.
لا أتذكر ما قرأت في العدد الذي وصلني منها، ولكنني أتذكر أنني شعرت من خلال لهجتها، أن صدورها عبّر عن مرحلة جديدة في تاريخ الصحافة الجزائرية الوطنية، التي انتقلت من المطالبة بحقوق الشعب إلى الهجوم الصريح على الاستعمار.
كانت هذه النغمة جديدة فعلاً على صحافتنا، فكتبت على الفور أشكر وأهنئ (علي بن أحمد) على شجاعته، لأن (صوت الشعب) كان فعلاً حلقة الوصل في تطور صحافتنا، بين (العلم) و (الإقدام) وصحافة الرأي التي ستنشأ بعد الحرب العالمية الثانية.