وكان الشيخ العقبي يبدو في ناظري بدوياً بينما يبدو الشيخ بن باديس بلدياً. وحين بدأت فيما بعد معركة (الإصلاح) وكنت أحد المشتركين فيها، بقيت أحمل في أعماقي شيئاً من التحفظ تجاه بن باديس وبعض الأسى لكون الشيخ العقبي لا يقود تلك الحركة ولا يرأس جمعية العلماء.

وقد دارت مناقشات طويلة حول هذه النقطة بيني وبين صديقي (محمد بن سعيد) فيما بعد حينما التقيت به في باريس 1931.

ولم أبدأ بالتعرف على خطئي هذا إلا عام 1939، وفي عام 1947 وصلت إلى الاعتراف الكامل بهذا الخطأ، وقد فهمت لماذا كان الشرع الإسلامي يفضل تقديم ابن المدينة ليؤم الصلاة على ابن القبيلة.

وفي عام 1925 كانت أطلق شتائمي ضد جميع (البلديين) في العالم كلما حدث تأخر بسيط في صدور صحيفة (صدى الصحراء)، وكانت هذه الشتائم تصيب بالطبع الشيخ بن باديس.

على كل فالحياة في قسنطينة منعتنا من أن نجمد على موضوع واحد. فإن كل يوم كان يحمل معه عنصراً جديداً يصرف تفكيرنا نحو اهتمامات أخرى أو قلق جديد.

حتى الملاكمة التي جرت بين (دمبسي وكاربنتيه عز وجلampsey - Carpentier) والتي كانت الأولى على ما أعتقد ولفتت أنظار العالم كله، قد شدت إليها أنظارنا في مقهى بن يمينة. وكانت عواطف المدرسيين متجهة منذ البدء نحو الأميركي (دمبسي)، وما كنت أعطي القضية أي اهتمام رياضي، ولكنها أثارت اهتهامي من الزاوية السياسية. فانهزام (كاربنتيه) يحمل شيئاً من تواضع المستعمِر. وكان هذا على ما أعتقد ما جعلني أتمنى انتصار خصمه عليه.

وهناك حدثان آخران جاءا يزيدان أثرهما الخاص في الغليان الذي ساد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015