إلى الرأسمالية، ومن الرأسمالية إلى الشيوعية، ولا سبيل لها إلا التصحيح الحقيقي لأوضاعها إلا بالدخول في المنهج الرباني، الملائم للفطرة السوية، المنزل من عند خالق هذه الفطرة, العليم بما يصلحها وما يصلح لها، وهو منهج ثابت القيم والأركان كثبوت هذه الفطرة، ويسمح في الوقت ذاته بتغير الصورة على الدوام بما يلائم النمو الدائم للحياة البشرية، ولكنه لا يسمح بالصورة المنحرفة؛ لأنها تمرض الفطرة، وتؤدي إلى الفساد في الأرض، ومن أجل ذلك يجعل القواعد الثابتة هي التي تحكم المتغيرات، ولا يسمح للمتغيرات بتغيير القواعد الثابتة.
ولا تزال البشرية تهتدي فتستقيم حياتها، وتضل فتصيبها السنة الربانية التي تترتب على الضلال. ولكن لا توجد حتمية واحدة للهدى ولا حتمية واحدة للضلال، إنما الإنسان هو الذي يقرر لنفسه:
{وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا، فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا، قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا، وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} 1.
{وَالْعَصْرِ، إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ، إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} 2.
تلك لمحة سريعة عن التفسير الإسلامي للتاريخ في مواجهة التفسير الجاهلي، قد لا تكون كافية لإبراز ملامحه.. ولكنها تكفي على أي حال لرؤية الهوة العميقة التي يضع التفسير المادي فيها الإنسان.