أهي في إدمان الخمر والمخدرات؟
أهي في الجريمة التي تتزايد نسبتها على الداوم؟
أهي في تفاهة الاهتمامات والبحث الدائم عن المتاع الحسي الغليظ؟
أهي في العبودية للآلة التي أصبحت هي التي تتحكم في حياة الإنسان؟
أهي في شريعة الغاب: القوة هي الحق، والقوي يأكل الضعيف؟
أهي في المواثيق التي تبرم لتنقض والعهود القائمة على الخداع؟
أهي في هذا المسخ المشوه الذي فقد إشراقة الروح وعاطفة الإنسان؟!
حقا.. هناك الضمانات والحقوق التي ترتبط اليوم بالديمقراطية وتشكل جانبا بارزا من جوانبها ... ولا شك -كما قلنا- أنها تمثل نقلة كبيرة انتقلها "الإنسان" في مسيرته التاريخية على الأرض، ولكن الشر الذي يحيط بهذا الخير الجزئي, هو في الديمقراطية الليبرالية من الضخامة بحيث يذهب في النهاية بكثير من نفع هذا الخير؛ لأنه يدمر "الإنسان" كله في نهاية المطاف، فلا يجدي -حين يسقط الإنسان كله إلى الحضيض- أننا كنا قد رفعنا جانبا من حياته إلى المستوى اللائق بالإنسان!
وليس معنى ذلك أننا ننقص من قيمة تلك الضمانات والحقوق بحال من الأحوال، إنما الذي نعنيه أنها تكون في وضعها الطبيعي، وتتحول إلى خير شامل، حين يكون الإنسان بكامله على مستوى الإنسان.. وهو ما عجزت تلك الديمقراطية عجزا فاضحا عن تحقيقه، أو قل إن شئت إنه لم يُرد لها أن تحققه منذ البدء؛ لأن تحقيقه لا يُمَكِّن الجاهلية الرأسمالية من الوجود فضلا عن التضخم، ولا يمكن شعب الله المختار من ركوب الأمميين كما يشتهون!
هناك وضع واحد تتحقق فيه كل الضمانات والحقوق التي جاءت بها الديمقراطية على المستوى الأرفع، مع المحافظة الكاملة على إنسانية الإنسان ... ذلك حين يكون الإنسان عابدا لله، مطبقا لشريعة الله، أي: حين يحقق الإنسان الإسلام! عندئذ تتحقق الكرامة الحقيقية للإنسان، وتتحقق له كل الحقوق والضمانات التي وهبها الله للإنسان لتحقق له كرامته في واقع الأرض.
يقول الله سبحانه وتعالى:
{وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} 1.