شَاءُوا فِي خَمْسَة أَيَّام قبل زمن الصّيام، وَحرمت على الْمَرْأَة الْحجاب، إِلَى غير ذَلِك مِمَّا أشاعته بَين النَّاس2.
وَنحن نرى من هَذَا الْعرض أَن هَذِه الْمذَاهب حَرْب على الْإِسْلَام صَرَاحَة، وَمَعَ ذَلِك لَا نرى فِيهَا إِلَّا نزرا يَسِيرا من البحوث والمؤلفات، وأغلب الظَّن أَن الدعاة لم يطلعوا عَلَيْهَا، بل لم يسمعوا عَنْهَا.
إِن ترك هَذِه الْمذَاهب الْفَاسِدَة تنفث سمومها بَين النَّاس، وتبيض وتفرخ فِي عُقُولهمْ جريمة لن يغفرها الله للدعاة إِلَّا إِذا بذلوا أقْصَى الْجهد فِي فضحها وإيقاف الْمُسلمين على حَقِيقَتهَا وأسرارها حَتَّى يتجنبوها ويكتفوا شَرها.
وَإِن الْأَفْضَل للدعاة إِلَى الله أَن يدرسوا هَذِه الْمذَاهب، ويقفوا على خباياها ومكنوناتها، وَأَن يضعوا العلمية المرتكزة على الْحَقَائِق لدحضها وَبَيَان فَسَادهَا، وينظموا المحاضرات والندوات لتعريف الْمُسلمين بهَا وتحذيرهم من شَرها، وَذَلِكَ خير لَهُم من أَن يهاجم بَعضهم بَعْضًا، أَو يعلنوا الْحَرْب على الدارسين الهلكى.
5- الْبناء قبل الْهدم من وَاجِب الدعاة؛ لأَنهم يُرِيدُونَ أَن ينقلوا النَّاس من وضع سيئ إِلَى وضع حسن، ويخرجوهم من الضلال إِلَى الْهدى.
وَمن الْمَعْلُوم أَن الْإِنْسَان بفطرته يحب مَا نَشأ فِيهِ وشب عَلَيْهِ، وَلَيْسَ من السهل على نَفسه أَن يتْركهُ إِلَّا إِذا حصل على مَا هُوَ خير مِنْهُ؛ إِنَّه يتشبث بِهِ لِأَنَّهُ ماضيه الَّذِي يرجع إِلَيْهِ، وحاضره الَّذِي يعتز بِهِ.
وكلنَا ندرك أَن صَاحب الكوخ المتداعى لَا يسمح مُطلقًا بهدمه، وَهُوَ مستعد للدفاع عَنهُ بِنَفسِهِ؛ لِأَن الكوخ الحقير عِنْده أفضل من سُكْنى العراء.
وكلنَا يُوقن أننا لَو بنينَا لصَاحب هَذَا الكوخ قصرا منيفا، أَو بَيْتا نظيفا وراودناه على ترك هَذَا الكوخ ليسكن هَذَا الْبَيْت لاستجاب للدعوة، وَقد يتَرَدَّد فِي بادئ الْأَمر لصعوبة فِرَاق مَا أَلفه، ووحشة النَّفس من الْجَدِيد، وَلَكِن تردده لَا يلبث أَن يتبدد حينما يذكر حَاله فِي هَذَا الكوخ، وَمَا كَانَ يدهمه فِيهِ من الحشرات والهوام، وَحين يمني نَفسه بِمَا ينظره من السَّعَادَة والهناء فِي الْقصر الْجَدِيد، بل إِنَّه ليتأكد من سَعَادَة نَفسه وطمأنينة قلبه وهناء باله يقارن بَين المنزلين: كوخه المتداعى وقصره المشيد.