ومن ذلك أنه أكثر من ذكر الآثار والأخبار عند حديثه عن تكبير العيد، وقد كان يمكن الاجتزاء بقليل مما أورده لبيان الحكم الشرعي.
ومن ذلك أيضًا أنه عند بيانه لما يحل ويحرم من اللباس1 أطال في ذكر ذلك حتى إنه ذكر أحوال آدم وحواء في اللبس، وفي نسخة وغزله للباس، وفي حلة تميم الداري التي اشتراها بألف درهم لليلة التي يرجو أنها ليلة القدر فقط.
ومن ذلك أنه ألحق بموضوع الأشربة وآداب الأكل والشرب وما يتصل به كتابًا2 أورد فيه كثيرًا من صور الطب النبوي، والإرشادات فيه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس في ذلك أحكام شرعية، وكتب فيه نحوا من ثماني صفحات.
ومن ذلك أنه تعجل -قبل أن يدرس موضوع النكاح والهدي النبوي فيه- بذكر ما اختص به رسول الله صلى الله عليه وسلم3 سواء أكان اختص به في ذاته في الدنيا، أو في شرعه وأمته في الدنيا، أو في ذاته في الآخرة، أو في أمته أيضًا في الآخرة، أو كان من الواجبات التي هي تخفيف على غيره كصلاة الضحى والوتر والتهجد ولم يكن هذا الموضوع ليحتاج إلى أكثر من خصائصه صلى الله عليه وسلم في النكاح على ألا يكون سابقًا عليه، وقد قال في نهاية ما كتب: كما ثبت هذا من خط شيخنا خاتمة الحفاظ الشيخ جلال الدين السيوطي التي تتبعها مدة عشرين سنة.
2- الإكثار من ذكر الآثار، وهو شيء يطول بيانه، إلا أننا نكتفي بإيراد أمثلة منه، فقد أورد عن واثلة بن الأسقع4 أنه كان يقول: لا بأس بالحديث قدمت فيه أو أخرت إذا أصبت معناه.
ومنها ما نقله في مجاز الإيمان5 لعمار بن ياسر أنه كان يقول: ثلاث من جمعهن فقد جمع الإيمان ... إلخ، وعن علي بن أبي طالب كان يقول: الإسلام ثلاث خصال، وأحيانًا كان يروي هذه الآثار باسم السلف أو الصحابة فيعطيها صورة قوية تؤكد الاستدلال بها مثل قوله6: كان السلف لا يرون بأسًا بطهارة البصاق، ومثل قوله7: قال عكرمة: كانت الصحابة رضي الله عنهم يغشون أزواجهم وهن مستحاضات، وقوله8: كانت الصحابة لا يصلون لمثل الزلازل، وكقوله9: كانت الصحابة رضي الله عنهم يستسقون لنواحي الأرض، وكقوله في معاملة العبيد10: كانت الصحابة رضي الله عنهم يرسلون عبيدهم في تجارتهم ... إلخ، ومن الطريف أنه لم يذكر تحت هذا العنوان "معاملة العبيد" إلا هذا الأثر، ولكنه أكده بحديث سبق