إلى والده وقال: وقد نظم ذلك والدي بقوله: "سبعة أمعاء لكل آدمي ... إلخ"1 وقد ورد مثل ذلك في باقي الكتاب، ومنها عبارة أخرى في شرح حديث: "الكافر يأكل في سبعة أمعاء والمؤمن يأكل في معي واحد" وهذه العبارة هي قوله: وقال والدي رحمه الله في شرح الترمذي: إنه "يريد كون جهجاه هو صاحب الواقعة" لا يصح لأن مدار حديثه على عبدة الربذي وهو ضعيف2.
فهذا الكلام واضح في أن أبا زرعة هو شارح هذا الحديث لأن والده الحافظ العراقي هو شارح الترمذي كما هو معروف.
ثم إنه في حديث: "أتى النبي صلى الله عليه وسلم بلبن قد شيب بماء" ذكر تعليقًا نسبه كذلك إلى والده في شرح الترمذي بقوله: قال والدي رحمه الله3 في شرح الترمذي.
على أن هناك من العبارات ما يشعر بأن الحافظ العراقي أيضًا له مشاركة في الشرح، فقد ورد في شرح حديث: "أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل الكلاب ... " الحديث، تعبير للشارح يدل على أن الشرح للحافظ العراقي صاحب المتن، فهو ينقل عن شيخه فيقول4: وزعم شيخنا الإمام جمال الدين عبد الرحيم الإسنوي أن مذهب الشافعي جواز قتلها "أي الكلاب" كما ورد مثل هذا التعبير في شرح حديث عروة عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كان يبايع النساء بالكلام ... قالت: وما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة ... " الحديث، قال الشارح: ظاهره أنه -صلى الله عليه وسلم- لم تمس يده يد أحد من محارمه، ثم أورد خلاف العلماء في ذلك وقال: وقد حكى شيخنا الإمام عبد الرحيم الإسنوي الإجماع على الجواز5.
وقد أورد صاحب هدية العارفين كتاب طرح التثريب في شرح التقريب من بين مصنفات الحافظ زين الدين العراقي6، وأورده صاحب ذيل كشف الظنون7، من بين مصنفات ولده أبي زرعة، تأييدًا لما أورده صاحب كشف الظنون8. أما السخاوي في كتابه الضوء اللامع9 فإنه ذكر في ترجمة أبي زرعة: أنه أكمل شرح والده على ترتيب المسانيد وتقريب الأسانيد وهو كتاب حافل.
وإذن فقد دل التعميق في البحث على أن هذا الشرح من أوله إلى آخره كان مناوبة بين الأب الحافظ العراقي وابنه ولي الدين أبي زرعة.
ومهما يكن من أمر فإن هذا لن يغير من قيمة الكتاب العلمية في شرحه، ولا من الميزة الحديثية فيه، فإن جميع ما فيه متجانس، ولا يكاد بعضه مختلف عن بعض في الاستيعاب واستيفاء المذاهب وأدلتها، وظهور الشخصية العلمية المتميزة.