حنيفة -رحمه الله- بأنه: "معرفة النفس ما لها, وما عليها" أي: ما تنتفع به النفس وما تتضرر به في الآخرة، أو ما يجوز لها وما يجب عليها وما يحرم. وهذا يتناول الأحكام الاعتقادية كوجوب الإيمان ونحوه، والأحكام الوجدانية الأخلاقية مما حث عليه الإسلام؛ كالصدق والأمانة والوفاء ونحوها، ويشمل أيضا الأحكام العملية؛ كالصلاة والصوم والبيع ونحوها1.
ويُفَصَّل في هذا الاستخدام لكلمة "الفقه" بهذا المعنى، فإن كان للاعتقاديات سمي "الفقه الأكبر"؛ لأنه "أكبر" بالنسبة للأحكام العملية الفرعية التي تسمى "الفقه الأصغر"، ولأن شرف العلم وعظمته بحسب المعلوم، ولا معلوم أكبر من ذات الله تعالى وصفاته, الذي يبحث فيه هذا العلم؛ لذلك سمي "الفقه الأكبر"2.
1- وأول من استخدم مصطلح "الفقه الأكبر" هو الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت "150هـ"؛ فقد روي عنه كتاب بهذا الاسم، وهو مشهور عند أصحابه، رووه بالإسناد عن أبي مطيع الحكم بن عبد الله البلخي3. وهو متن صغير، يقع مطبوعا في بضع ورقات، "حدد فيه عقائد أهل السنة تحديدا منهجيا"4. ويرد فيه على المعتزلة والقدرية والجهمية والشيعة.