فشغل المسلمون أنفسهم بذلك: هل الإنسان مسيَّر أم مخيَّر؟ وإذا كان كذلك فهل هو مسئول عن عمله؟ وما حدود هذه المسئولية؟ وغير ذلك من الأسئلة التي طرحت في أعقاب التعمق في هذه المسألة مع البعد عن منهج السلف في العمل والعبودية والخضوع لله، فإذا انضم إلى ذلك محاولة كل فريق أن يسند رأيه بآية أو حديث، يضعهما في غير موضعهما، أو يؤولهما ليؤيد رأيه بذلك، أو يأخذ بعض النصوص ليعارض بها نصوصا أخرى؛ إذا انضم هذا إلى ذاك علمنا مقدار الخسارة والجهد الذي أضاعه المسلمون في بحث هذه المشكلات والتعمق فيها والرد على أصحابها، وإن كان ذلك لا بد منه لرد الشبهات وإقامة الحجة1.

والمسألة الثالثة التي شغلت التفكير الإسلامي كذلك, هي مسألة "مرتكب الكبيرة"، وفي أول الأمر كانت ممثلة في أحداث جزئية، ثم بالتدريج أخذت تظهر في صورة عامة وتفرعت عن هذه المسألة مسائل أخرى؛ كمسألة الإمامة, وحقيقة الكفر، وحقيقة الإيمان، وزيادة الإيمان ونقصانه.

وعن البحث في هذه المسائل نشأت في الجماعة الإسلامية فرق وأحزاب: الخوارج، والشيعة، والمرجئة، والمعتزلة..2 وذهبت كل فرقة تدافع عن رأيها ومعتقدها, فكان هذا من العوامل التي دفعت بأهل السنة إلى الرّدّ على هذه الفرق فنشأت الكتابة في العقيدة؛ لبيان الحق ورد الشبهات.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015