5- ترك التشبه بالكفار في أفعالهم الظاهرة -فيما هو من خصائصهم- لأنها تورث نوع مودة ومحبة وموالاة في الباطن, كما أن المحبة في الباطن تورث المشابهة في الظاهر، وهذا أمر يشهد به الحس والتجربة حتى إن الرجلين إذا كانا في بلد واحد ثم اجتمعا في دار غربة كان بينهما من المودة والائتلاف أمر عظيم، وإن كانا في بلدهما لم يكونا متعارفين؛ وذلك لأن الاشتراك في نوع وصف اختصاص به عن بلد الغربة.. فإذا كانت المشابهة في أمور دنيوية تورث المحبة والموالاة، فإن المشابهة في الأمور الدينية تفضي إلى نوع من الموالاة أكثر وأشد1.

ولذلك جاء التحذير الشديد من التشبّه بالكفار؛ لئلا يكون ذلك سببا للمودة القلبية لهم، ولئلا يسقط الحاجز النفسي بين المؤمن وبين الكفار، ولئلا تتميّع شخصية الأمة المسلمة المتميزة، فتصبح تابعة لغيرها مقلدة لها، والتقليد جسر للضعف والانحلال، وسبب للسقوط والهلاك، ومسخ لمكانة المقلد، فإنه لا يقلد إلا قرد أو ببغاء2..

وهذا التحذير من التشبه بالكفار ومتابعة سبيلهم وطريقهم تشير إليه أحاديث نبوية كثيرة، كقوله عليه الصلاة والسلام:

"لتتبِعُنَّ سَنَنَ من كان قبلكم, شبرا بشبر وذراعا بذراع، حتى لو دخلوا جُحْر ضب لدخلتموه". قالوا: اليهود والنصارى؟ قال: "فمن"؟ 1.

"من تشبَّه بقوم فهو منهم" 2.

"ليس منا من تشبَّه بغيرنا" 3.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015