الغاية من الإحكام والإتقان والإجادة ولا إلى التوسط لمكان العرب من البداوة والتوحش، وبعدهم عن الصنائع، وانظر ما وقع لأجل ذلك في رسم المصحف حيث رسمه الصحابة بخطوطهم، وكانت غير مستحكمة في الإجادة، فخالف الكثير من رسومهم ما اقتضته رسوم صناعة الخط عند أهلها1.

وحقائق التاريخ تشير إلى أن الرسم العثماني لم يقف على الصورة التي كان عليها، بل لحقت به بعض تطورات وتغييرات تهدف إلى الحفاظ على القرآن من تيارات اللحن، وتيسير قراءته بعدما فشت العجمة، ولا ريب أنها قوبلت في أول الأمر بشيء من التحرج، لكن التطور المفيد قد تم إيمانًا من القائمين بها بأن فيها بيانًا وتوضيحًا2.

من ذلك أن المصاحف في أول الأمر كانت خالية من الشكل.

ثم ظهرت الحاجة ماسة لذلك، فوجدنا العلماء يترخصون ويقولون: العجم نور الكتاب، وأنه لا بأس به ما لم تبغوا3.

على أن هذا العمل جاء في وقت مبكر؛ إذ رأينا أبا الأسود الدؤلي "ت 69هـ" قام بشكل المصحف لدفع التحريف، وكان الشكل عبارة عن نقط تبين الحركات والتنوين، وتم ذلك في خلافة معاوية4.

كما قام نصر بن عاصم "89 هـ" ويحيى بن يعمر "129 هـ" بإعجام المصحف بالنقط دفعًا للتصحيف بأمر الحجاج في خلافة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015