قال الزركشي: «وتسمّى فواصل لأنه ينفصل عندها الكلامان؛ وذلك أن آخر الآية فصل بينها وبين ما بعدها» (?).
ولهذا لا يشترط في الفاصلة الموافقة في الإعراب لما قبلها- على تقدير عدم الوقوف- لأن الوقوف على رءوس الآي سنّة متّبعة؛ ولهذا صرح العلماء بأن «مبنى الفواصل على الوقف: ولهذا شاع مقابلة المرفوع بالمجرور والعكس، وكذا المفتوح والمنصوب غير المنوّن، ومنه قوله تعالى: إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِنْ طِينٍ لازِبٍ (11) مع تقدم قوله: عَذابٌ واصِبٌ (9) وشِهابٌ ثاقِبٌ (10) (?) وكذا: بِماءٍ مُنْهَمِرٍ (11) وأَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (12) (?).
ومع هذا، فإننا- في قضية تعريف الفاصلة- ندع الباب مفتوحا لدراسة أنواع من الفواصل- الأخرى- التي أشار إليها الداني، ونكتفي هنا بذكر بعض الشواهد القرآنية الموضحة في الوقت الذي نخصص فيه سائر هذا الفصل للكلام على الفاصلة- الكلمة- التي تختم بها الآية من القرآن.
يقول تعالى في سورة «يس» - السورة 36 - وقد اخترنا جميع هذه الشواهد من هذه السورة: لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ فَهُمْ غافِلُونَ (6) لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلى أَكْثَرِهِمْ، فَهُمْ لا
يُؤْمِنُونَ
(7) [الآيتان 6 - 7]. آباؤهم- أكثرهم. غافلون- لا يؤمنون.
وقال تعالى: وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ (74) ثم قال تعالى:
لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ (75) فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ (76) [الآيات 74 - 76]. نصرهم- قولهم ...