وَاسْتَشْهَدَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِأَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَجَلِّ مَشْهُودٍ بِهِ، وَهُوَ التَّوْحِيدُ وَقَرَنَ شَهَادَتَهُمْ بِشَهَادَتِهِ وَشَهَادَةِ مَلَائِكَتِهِ. وَفِي ضِمْنِ ذَلِكَ تَعْدِيلُهُمْ. فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَا يَسْتَشْهِدُ بِمَجْرُوحٍ.
وَمِنْ هَاهُنَا - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - يُؤْخَذُ الْحَدِيثُ الْمَعْرُوفُ «يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلْفٍ عُدُولُهُ. يَنْفُونَ عَنْهُ تَحْرِيفَ الْغَالِينَ، وَتَأْوِيلَ الْمُبْطِلِينَ» .
وَهُوَ حُجَّةُ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ. وَنُورُهُ بَيْنَ عِبَادِهِ. وَقَائِدُهُمْ وَدَلِيلُهُمْ إِلَى جَنَّتِهِ. وَمُدْنِيهِمْ مِنْ كَرَامَتِهِ.
وَيَكْفِي فِي شَرَفِهِ: أَنَّ فَضْلَ أَهْلِهِ عَلَى الْعِبَادِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ لَيْلَةِ الْبَدْرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ. وَأَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ لَهُمْ أَجْنِحَتَهَا، وَتُظِلُّهُمْ بِهَا، وَأَنَّ الْعَالِمَ يَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ، حَتَّى الْحِيتَانُ فِي الْبَحْرِ، وَحَتَّى النَّمْلُ فِي جُحْرِهَا، وَأَنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِي النَّاسِ الْخَيْرَ.
وَلَقَدْ رَحَلَ كَلِيمُ الرَّحْمَنِ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي طَلَبِ الْعِلْمِ