وَقَالَ بَعْضُهُمْ: التَّوَكُّلُ التَّعَلُّقُ بِاللَّهِ فِي كُلِّ حَالٍ.
وَقِيلَ: التَّوَكُّلُ أَنْ تَرِدَ عَلَيْكَ مَوَارِدُ الْفَاقَاتِ، فَلَا تَسْمُوَ إِلَّا إِلَى مَنْ إِلَيْهِ الْكِفَايَاتُ.
وَقِيلَ: نَفْيُ الشُّكُوكِ، وَالتَّفْوِيضِ إِلَى مَالِكِ الْمُلُوكِ.
وَقَالَ ذُو النُّونِ: خَلْعُ الْأَرْبَابِ وَقَطْعُ الْأَسْبَابِ.
يُرِيدُ قَطْعَهَا مِنْ تَعَلُّقِ الْقَلْبِ بِهَا، لَا مِنْ مُلَابَسَةِ الْجَوَارِحِ لَهَا.
وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ مُرَكَّبًا مِنْ أَمْرَيْنِ أَوْ أُمُورٍ.
فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخَرَّازُ: التَّوَكُّلُ اضْطِرَابٌ بِلَا سُكُونٍ، وَسُكُونٌ بِلَا اضْطِرَابٍ.
يُرِيدُ: حَرَكَةَ ذَاتِهِ فِي الْأَسْبَابِ بِالظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ، وَسُكُونًا إِلَى الْمُسَبِّبِ، وَرُكُونًا إِلَيْهِ. وَلَا يَضْطَرِبُ قَلْبُهُ مَعَهُ. وَلَا تَسْكُنُ حَرَكَتُهُ عَنِ الْأَسْبَابِ الْمُوَصِّلَةِ إِلَى رِضَاهُ.
وَقَالَ أَبُو تُرَابٍ النَّخْشَبِيُّ: هُوَ طَرْحُ الْبَدَنِ فِي الْعُبُودِيَّةِ، وَتَعَلُّقُ الْقَلْبِ بِالرُّبُوبِيَّةِ، وَالطُّمَأْنِينَةُ إِلَى الْكِفَايَةِ. فَإِنْ أُعْطِيَ شَكَرَ. وَإِنْ مُنِعَ صَبَرَ.
فَجَعَلَهُ مُرَكَّبًا مِنْ خَمْسَةِ أُمُورٍ: الْقِيَامِ بِحَرَكَاتِ الْعُبُودِيَّةِ، وَتَعَلُّقِ الْقَلْبِ بِتَدْبِيرِ الرَّبِّ، وَسُكُونِهِ إِلَى قَضَائِهِ وَقَدْرِهِ، وَطُمَأْنِينَتِهِ وَكِفَايَتِهِ لَهُ، وَشُكْرِهِ إِذَا أَعْطَى، وَصَبْرِهِ إِذَا مَنَعَ.
قَالَ أَبُو يَعْقُوبَ النَّهْرَجُورِيُّ: التَّوَكُّلُ عَلَى اللَّهِ بِكَمَالِ الْحَقِيقِيَّةِ، كَمَا وَقَعَ لِإِبْرَاهِيمَ