وَقَوْلُهُ تَعَالَى {قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ - قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [المؤمنون: 113 - 114] وَقَوْلُهُ تَعَالَى {كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ} [الأحقاف: 35] وَقَوْلُهُ تَعَالَى {يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْرًا - نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْمًا} [طه: 103 - 104] وَخَطَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ يَوْمًا وَالشَّمْسُ عَلَى رُءُوسِ الْجِبَالِ، فَقَالَ «إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا فِيمَا مَضَى مِنْهَا إِلَّا كَمَا بَقِيَ مِنْ يَوْمِكُمْ هَذَا فِيمَا مَضَى مِنْهُ» وَمَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبَعْضِ أَصْحَابِهِ، وَهُمْ يُعَالِجُونَ خُصًّا لَهُمْ قَدْ وَهَى. فَهُمْ يُصْلِحُونَهُ، فَقَالَ «مَا هَذَا؟ قَالُوا: خُصٌّ لَنَا قَدْ وَهَى فَنَحْنُ نُعَالِجُهُ، فَقَالَ: مَا أَرَى الْأَمْرَ إِلَّا أَعْجَلَ مِنْ هَذَا» .

وَقِصَرُ الْأَمَلِ بِنَاؤُهُ عَلَى أَمْرَيْنِ: تَيَقُّنِ زَوَالِ الدُّنْيَا وَمُفَارَقَتِهَا، وَتَيَقُّنِ لِقَاءِ الْآخِرَةِ وَبَقَائِهَا وَدَوَامِهَا، ثُمَّ يُقَايِسُ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ وَيُؤْثِرُ أَوْلَاهُمَا بِالْإِيثَارِ.

[فَصْلٌ فَوَائِدُ تَدَبُّرِ الْقُرْآنِ وَتَأَمُّلِ مَعَانِيهِ]

فَصْلٌ

وَأَمَّا التَّأَمُّلُ فِي الْقُرْآنِ فَهُوَ تَحْدِيقُ نَاظِرِ الْقَلْبِ إِلَى مَعَانِيهِ، وَجَمْعُ الْفِكْرِ عَلَى تَدَبُّرِهِ وَتَعَقُّلِهِ، وَهُوَ الْمَقْصُودُ بِإِنْزَالِهِ، لَا مُجَرَّدُ تِلَاوَتِهِ بِلَا فَهْمٍ وَلَا تَدَبُّرٍ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} [ص: 29] وَقَالَ تَعَالَى {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد: 24] وَقَالَ تَعَالَى {أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ} [المؤمنون: 68] وَقَالَ تَعَالَى {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [الزخرف: 3] وَقَالَ الْحَسَنُ: نَزَلَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015