الذُّلِّ وَالْقَهْرِ وَالْخُضُوعِ، فَكُلُّ أَحَدٍ خَاضِعٌ لِرُبُوبِيَّتِهِ، ذَلِيلٌ لِعِزَّتِهِ، مَقْهُورٌ تَحْتَ سُلْطَانِهِ تَعَالَى.

[فَصْلٌ فِي مَرَاتِبِ إِيَّاكَ نَعْبُدُ عِلْمًا وَعَمَلًا]

لِلْعُبُودِيَّةِ مَرَاتِبُ، بِحَسَبِ الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ، فَأَمَّا مَرَاتِبُهَا الْعِلْمِيَّةُ فَمَرْتَبَتَانِ:

إِحْدَاهُمَا: الْعِلْمُ بِاللَّهِ، وَالثَّانِيَةُ: الْعِلْمُ بِدِينِهِ.

فَأَمَّا الْعِلْمُ بِهِ سُبْحَانَهُ، فَخَمْسُ مَرَاتِبَ: الْعِلْمُ بِذَاتِهِ، وَصِفَاتِهِ، وَأَفْعَالِهِ، وَأَسْمَائِهِ، وَتَنْزِيهِهِ عَمَّا لَا يَلِيقُ بِهِ.

وَالْعِلْمُ بِدِينِهِ مَرْتَبَتَانِ، إِحْدَاهُمَا: دِينُهُ الْأَمْرِيُّ الشَّرْعِيُّ، وَهُوَ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ الْمُوصِلُ إِلَيْهِ.

وَالثَّانِيَةُ: دِينُهُ الْجَزَائِيُّ، الْمُتَضَمِّنُ ثَوَابَهُ وَعِقَابَهُ، وَقَدْ دَخَلَ فِي هَذَا الْعِلْمِ الْعِلْمُ بِمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ.

وَأَمَّا مَرَاتِبُهَا الْعِلْمِيَّةُ، فَمَرْتَبَتَانِ: مَرْتَبَةٌ لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ، وَمَرْتَبَةٌ لِلسَّابِقِينَ الْمُقَرَّبِينَ.

فَأَمَّا مَرْتَبَةُ أَصْحَابِ الْيَمِينِ: فَأَدَاءُ الْوَاجِبَاتِ، وَتَرْكُ الْمُحَرَّمَاتِ، مَعَ ارْتِكَابِ الْمُبَاحَاتِ، وَبَعْضِ الْمَكْرُوهَاتِ، وَتَرْكِ بَعْضِ الْمُسْتَحَبَّاتِ.

وَأَمَّا رُتْبَةُ الْمُقَرَّبِينَ: فَالْقِيَامُ بِالْوَاجِبَاتِ وَالْمَنْدُوبَاتِ، وَتَرْكُ الْمُحَرَّمَاتِ وَالْمَكْرُوهَاتِ، زَاهِدِينَ فِيمَا لَا يَنْفَعُهُمْ فِي مَعَادِهِمْ، مُتَوَرِّعِينَ عَمَّا يَخَافُونَ ضَرَرَهُ.

وَخَاصَّتُهُمْ قَدِ انْقَلَبَتِ الْمُبَاحَاتُ فِي حَقِّهِمْ طَاعَاتٍ وَقُرُبَاتٍ بِالنِّيَّةِ فَلَيْسَ فِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015