عَلَى بَاطِلٍ.

بَلْ قَدْ رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي مُسْنَدِ الصِّدِّيقِ عن عثمان، عن أبي معاوية عَنْ دَاوُدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَوْدِيِّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ هُوَ الْحِمْيَرِيُّ فَذَكَرَ حَدِيثَ السَّقِيفَةِ وَفِيهِ: أَنَّ الصِّدِّيقَ قَالَ: ((وَلَقَدْ عَلِمْتَ يَا سَعْدُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَأَنْتَ قَاعِدٌ قُرَيْشٌ وُلَاةُ هَذَا الْأَمْرِ فَبَرُّ النَّاسِ تَبَعٌ لِبَرِّهِمْ، وَفَاجِرُهُمْ تَبَعٌ لِفَاجِرِهِمْ، قَالَ، فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ: صَدَقْتَ نَحْنُ الْوُزَرَاءُ وَأَنْتُمُ الْأُمَرَاءُ)) (?) .

فَهَذَا مُرْسَلٌ حَسَنٌ وَلَعَلَّ حُمَيْدًا أَخَذَهُ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ شهدوا بذلك، وفيه فائدة جَلِيلَةٌ جِدًّا وَهِيَ أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ نَزَلَ عَنْ مَقَامِهِ الْأَوَّلِ، فِي دَعْوَى الْإِمَارَةِ، وَأَذْعَنَ لِلصِّدِّيقِ بِالْإِمَارَةِ فَرَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ.

فإن قال: أردت أَنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ يَقُولُونَ إِنَّ خِلَافَتَهُ انْعَقَدَتْ بِمُبَايَعَةِ الْخَلْقِ لَهُ، لَا بِالنَّصِّ فَلَا رَيْبَ أَنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ وَإِنْ كَانُوا يَقُولُونَ: إِنَّ النَّصَّ عَلَى أَنَّ عَلِيًّا مِنَ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ لِقَوْلِهِ خِلَافَةُ النُّبُوَّةِ ثَلَاثُونَ سَنَةً، فَهُمْ يَرْوُونَ النُّصُوصَ الْكَثِيرَةَ، فِي صِحَّةِ خِلَافَةِ غَيْرِهِ وَهَذَا أمر معلوم عند أهل الحديث يَرْوُونَ، فِي صِحَّةِ خِلَافَةِ الثَّلَاثَةِ نُصُوصًا كَثِيرَةً بِخِلَافِ خِلَافَةِ عَلِيٍّ، فَإِنَّ نُصُوصَهَا قَلِيلَةٌ.

فَإِنَّ الثَّلَاثَةَ اجْتَمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَيْهِمْ، فَحَصَلَ بِهِمْ مَقْصُودُ الإمامة، وقوتل بهم الْكُفَّارُ وَفُتِحَتْ بِهِمُ الْأَمْصَارُ، وَخِلَافَةُ عَلِيٍّ لَمْ يقاتل فيها كافر. وَلَا فُتِحَ مِصْرٌ وَإِنَّمَا كَانَ السَّيْفُ بَيْنَ أَهْلِ الْقِبْلَةِ.

وَأَمَّا النَّصُّ الَّذِي تَدَّعِيهِ الرَّافِضَةُ فهو كالنص الذي تدعيه الرواندية، عَلَى الْعَبَّاسِ وَكِلَاهُمَا مَعْلُومُ الْفَسَادِ بِالضَّرُورَةِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي إِثْبَاتِ خِلَافَةِ عَلِيٍّ إِلَّا هَذَا لَمْ تَثْبُتْ لَهُ إِمَامَةٌ قَطُّ، كَمَا لَمْ تَثْبُتْ لِلْعَبَّاسِ إِمَامَةٌ بنظيره.

وَأَمَّا قَوْلُهُ: ثُمَّ اخْتَلَفُوا فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ الْإِمَامَ بَعْدَهُ الْحَسَنُ، وَبَعْضُهُمْ قَالَ إِنَّهُ مُعَاوِيَةُ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015