قَالَ الرَّافِضِيُّ: ((وَأَيْضًا كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الأمة يجوز عليه الخطأ، فأي عاصم لهم عَنِ الْكَذِبِ عِنْدَ الْإِجْمَاعِ؟)) .
وَالْجَوَابُ: أَنْ يُقال: مِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْإِجْمَاعَ إِذَا حصَل، حَصَلَ لَهُ مِنَ الصِّفَاتِ مَا لَيْسَ لِلْآحَادِ، لَمْ يجز أن يُجعل حكم الواحد حكم الِاجْتِمَاعَ؛ فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُخْبِرِينَ يَجُوزُ عَلَيْهِ الْغَلَطُ وَالْكَذِبُ، فَإِذَا انْتَهَى الْمُخْبِرُونَ إِلَى حد التواتر امتنع عليهم الكذب والغلط.
وَأَيْضًا فَإِنْ كَانَ الْإِجْمَاعُ قَدْ يَكُونُ خَطَأً، لم يثبت أن عليًّا معصوم كما زعموا؛ فَإِنَّهُ إِنَّمَا عُلمت عِصْمَتُهُ بِالْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّهُ لَا مَعْصُومَ سِوَاهُ، فَإِذَا جَازَ كَوْنُ الْإِجْمَاعِ أَخْطَأَ، أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ فِي الْأُمَّةِ مَعْصُومٌ غَيْرُهُ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يُعلم أَنَّهُ هُوَ الْمَعْصُومُ.
فَتَبَيَّنَ أَنَّ قَدْحَهُمْ فِي الْإِجْمَاعِ يُبطل الْأَصْلَ الَّذِي اعْتَمَدُوا عَلَيْهِ فِي إِمَامَةِ الْمَعْصُومِ، وَإِذَا بَطَلَ أَنَّهُ مَعْصُومٌ بَطَلَ أَصْلُ مَذْهَبِ الرَّافِضَةِ. فَتَبَيَّنَ أَنَّهُمْ إِنْ قَدَحُوا فِي الْإِجْمَاعِ بَطَلَ أَصْلُ مَذْهَبِهِمْ، وَإِنْ سَلَّمُوا أَنَّهُ حُجَّةٌ بَطَلَ مَذْهَبُهُمْ، فَتَبَيَّنَ بُطْلَانُ مَذْهَبِهِمْ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ.
(فصل)
قَالَ الرَّافِضِيُّ: ((وَقَدْ بَيَّنَّا ثُبُوتَ النَّصِّ الدَّالِّ عَلَى إِمَامَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَلَوْ أَجْمَعُوا عَلَى خِلَافِهِ لَكَانَ خَطَأً، لِأَنَّ الْإِجْمَاعَ الْوَاقِعَ عَلَى خلاف النص يكون عندهم خطأ)) .
وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ بيان بُطْلَانِ كُلِّ مَا دَلَّ عَلَى أَنَّهُ إِمَامٌ قَبْلَ الثَّلَاثَةِ.
الثَّانِي: أَنَّ النُّصُوصَ إِنَّمَا دَلَّتْ عَلَى خِلَافَةِ الثَّلَاثَةِ قَبْلَهُ.
الثَّالِثُ: أَنْ يُقال: الْإِجْمَاعُ الْمَعْلُومُ حُجَّةٌ قَطْعِيَّةٌ لَا سَمْعِيَّةٌ، لَا سِيَّمَا مَعَ النُّصُوصِ الْكَثِيرَةِ الْمُوَافَقَةِ لَهُ. فَلَوْ قدِّر وُرُودُ خَبَرٍ يُخَالِفُ الْإِجْمَاعَ كَانَ بَاطِلًا: إِمَّا لِكَوْنِ الرَّسُولِ لَمْ يَقُلْهُ، وَإِمَّا