وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنْ يُقال: الْكُفْرُ الَّذِي يَعْقُبُهُ الْإِيمَانُ الصَّحِيحُ لَمْ يَبْقَ عَلَى صَاحِبِهِ مِنْهُ ذَمٌّ. هَذَا مَعْلُومٌ بِالِاضْطِرَارِ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ، بَلْ مِنْ دِينِ الرُّسُلِ كُلِّهِمْ.

كَمَا قَالَ تَعَالَى: { (قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوا إِن يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} ((?) . وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: ((إِنَّ الْإِسْلَامَ َيجُبُّ مَا قَبْلَهُ)) - وَفِي لفظ: ((يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ، وَأَنَّ الْهِجْرَةَ تَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهَا، وَأَنَّ الْحَجَّ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ)) (?) .

الثَّانِي: أَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ مَنْ وُلِد عَلَى الْإِسْلَامِ بِأَفْضَلَ مِمَّنْ أَسْلَمَ بِنَفْسِهِ، بَلْ قَدْ ثَبَتَ بِالنُّصُوصِ الْمُسْتَفِيضَةِ أَنَّ خَيْرَ الْقُرُونِ الْقَرْنُ الْأَوَّلُ، وَعَامَّتُهُمْ أَسْلَمُوا بِأَنْفُسِهِمْ بَعْدَ الْكُفْرِ، وَهُمْ أَفْضَلُ مِنَ الْقَرْنِ الثَّانِي الَّذِينَ وُلدوا عَلَى الإسلام.

وَالرَّافِضَةُ لَهُمْ فِي هَذَا الْبَابِ قولٌ فَارَقُوا بِهِ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ وَإِجْمَاعَ السَّلَفِ وَدَلَائِلَ الْعُقُولِ، وَالْتَزَمُوا لِأَجْلِ ذَلِكَ مَا يُعلم بُطْلَانُهُ بِالضَّرُورَةِ، كَدَعْوَاهُمْ إِيمَانَ آزَرَ، وَأَبَوَيِ النَّبِيِّ وَأَجْدَادِهِ وَعَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ.

الثَّالِثُ: أَنْ يُقال: قَبْلَ أَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَكُنْ أحدٌ مُؤْمِنًا مِنْ قُرَيْشٍ: لَا رَجُلٌ وَلَا صَبِيٌّ وَلَا امْرَأَةٌ، وَلَا الثَّلَاثَةُ، وَلَا عَلِيٌّ. وَإِذَا قِيلَ عَنِ الرِّجَالِ: إِنَّهُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْأَصْنَامَ، فَالصِّبْيَانُ كَذَلِكَ: عليّ وغيره.

الرابع: أَنَّ مَنْ قَالَ: إِنَّ الْمُسْلِمَ بَعْدَ إِيمَانِهِ كَافِرٌ، فَهُوَ كَافِرٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ. فَكَيْفَ يُقَالُ عَنْ أَفْضَلِ الْخَلْقِ إِيمَانًا: إِنَّهُمْ كُفَّارٌ لِأَجْلِ ما تقدم.

(فصل)

قال الرافضي: ((السادس: قول أبي بكر: ((أَقِيلُونِي فَلَسْتُ بِخَيْرِكُمْ، وَلَوْ كَانَ إِمَامًا لَمْ يَجُزْ لَهُ طَلَبُ الْإِقَالَةِ)) .

وَالْجَوَابُ: أَنَّ هَذَا: أَوَّلًا: كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُبَيَّنَ صِحَّتُهُ، وَإِلَّا فَمَا كَلُّ مَنْقُولٍ صَحِيحٌ. وَالْقَدْحُ بِغَيْرِ الصَّحِيحِ لا يصح.

وثانيا: إن صح عَنْ أَبِي بَكْرٍ لَمْ تَجُزْ مُعَارَضَتُهُ بِقَوْلِ القائل: الإمام لا يجوز له طلب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015