وَحُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَغَيْرُهُمَا مِنَ الصَّحَابَةِ كَانُوا يُحَدِّثُونَ النَّاسَ بِأَضْعَافِ ذَلِكَ. وَأَبُو هُرَيْرَةَ يُسْنِدُهُ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَحُذَيْفَةُ تَارَةً يُسْنِدُهُ وَتَارَةً لَا يُسْنِدُهُ، وَإِنْ كَانَ فِي حُكْمِ الْمُسْنَدِ.
وَمَا أَخْبَرَ بِهِ هُوَ وَغَيْرُهُ قَدْ يَكُونُ مِمَّا سَمِعَهُ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَقَدْ يَكُونُ مِمَّا كُوشف هُوَ بِهِ. وَعَمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَدْ أَخْبَرَ بِأَنْوَاعٍ مِنْ ذَلِكَ.
وَالْكُتُبُ الْمُصَنَّفَةُ فِي كَرَامَاتِ الْأَوْلِيَاءِ وَأَخْبَارِهِمْ، مِثْلَ مَا فِي كِتَابِ ((الزُّهْدِ)) لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ وَ ((حِلْيَةِ الْأَوْلِيَاءِ)) وَ ((صَفْوَةِ الصَّفْوَةِ)) وَ ((كَرَامَاتِ الْأَوْلِيَاءِ)) لِأَبِي مُحَمَّدٍ الْخَلَّالِ وَابْنِ أَبِي الدُّنْيَا وَاللَّالْكَائِيِّ فِيهَا مِنَ الْكَرَامَاتِ عَنْ بَعْضِ أَتْبَاعِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، كَالْعَلَاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ نَائِبِ أَبِي بَكْرٍ، وَأَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيِّ بَعْضِ أَتْبَاعِهِمَا، وَأَبِي الصَّهْبَاءِ، وَعَامِرِ بْنِ عَبْدِ قَيْسٍ، وَغَيْرِ هَؤُلَاءِ مِمَّنْ عَلِيٌّ أَعْظَمُ مِنْهُ، وَلَيْسَ فِي ذلك ما يدل عَلَى أَنَّهُ يَكُونُ هُوَ الْأَفْضَلَ مِنْ أحدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، فَضْلًا عَنِ الْخُلَفَاءِ.
وَهَذِهِ الْحِكَايَاتُ الَّتِي ذَكَرَهَا عَنْ عَلِيٍّ لَمْ يَذْكُرْ لِشَيْءٍ مِنْهَا إِسْنَادًا، وَفِيهَا مَا يُعْرَفُ صِحَّتُهُ، وَفِيهَا مَا يُعْرَفُ كَذِبُهُ، وَفِيهَا مَا لَا يُعرف: هَلْ هُوَ صِدْقٌ أَمْ كَذِبٌ؟
فَالْخَبَرُ الَّذِي ذَكَرَهُ عَنْ مَلِك التُّرْكِ كَذِبٌ عَلَى عَلِيٍّ؛ فَإِنَّهُ لَمْ يَدْفَعْ ظَفَرَهُ إِلَى رَجُلٍ مِنِ العترة، وهذا مما وضعه متأخروهم.
ودعوى الغلاة الَّذِينَ كَانُوا يَدَّعُونَ عِلْمَ عَلِيٍّ بِالْمُسْتَقْبَلَاتِ مُطْلَقًا كَذِبٌ ظَاهِرٌ فَالْعِلْمُ بِبَعْضِهَا لَيْسَ مِنْ خَصَائِصِهِ، وَالْعِلْمُ بِهَا كُلِّهَا لَمْ يَحْصُلْ لَهُ، وَلَا لغيره.
قَالَ الرَّافِضِيُّ: ((السَّادِسُ: أَنَّهُ كَانَ مُسْتَجَابَ الدُّعَاءِ. دَعَا عَلَى بُسر بْنِ أَرْطَأَةَ بِأَنْ يسلبه الله عَقْلَهُ فخُولط فِيهِ، وَدَعَا عَلَى العَيْزَار بِالْعَمَى فعمى، ودعا على أنس لما كَتَمَ شَهَادَتَهُ بالبَرَص فَأَصَابَهُ، وَعَلَى زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ بِالْعَمَى فَعَمِيَ)) .
وَالْجَوَابُ: أَنَّ هَذَا مَوْجُودٌ فِي الصَّحَابَةِ أَكْثَرُ مِنْهُ، وَمِمَّنْ بَعْدَ الصَّحَابَةِ، مادام فِي الْأَرْضِ مُؤْمِنٌ. وَكَانَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ لَا تُخْطِئُ لَهُ دَعْوَةٌ. وَفِي الصَّحِيحِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قال: