بَيْنَ مُهَاجِرِيٍّ وَمُهَاجِرِيٍّ، وَلَا بَيْنَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَلَا بَيْنَ أَنْصَارِيٍّ وَأَنْصَارِيٍّ، وَلَكِنْ آخَى بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ فِي أَوَّلِ قُدُومِهِ الْمَدِينَةَ.
وَأَمَّا الْمُبَاهَلَةُ فَكَانَتْ لَمَّا قَدِمَ وَفْدُ نَجْرَانَ سَنَةَ تِسْعٍ أَوْ عَشْرٍ مِنِ الْهِجْرَةِ.
الرَّابِعُ: أَنَّ دَلَائِلَ الْكَذِبِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ بَيِّنَةٌ، مِنْهَا: أَنَّهُ قَالَ: ((لَمَّا كَانَ يَوْمُ الْمُبَاهَلَةِ وَآخَى بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ)) . وَالْمُبَاهَلَةُ كَانَتْ لَمَّا قَدِمَ وَفْدُ نَجْرَانَ النَّصَارَى، وَأَنْزَلَ اللَّهُ سُورَةَ آل عمران، وكان ذلك في آخِرِ الْأَمْرِ سَنَةَ عَشْرٍ أَوْ سَنَةَ تِسْعٍ.
الْخَامِسُ: أَنَّ الْمُؤَاخَاةَ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ كَانَتْ فِي السَّنَةِ الْأُولَى مِنِ الْهِجْرَةِ فِي دَارِ بَنِي النَّجَّارِ، وَبَيْنَ الْمُبَاهَلَةِ وَذَلِكَ عِدَّةُ سِنِينَ.
السادس: أنه قَدْ آخَى بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ. وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وعليٌّ كِلَاهُمَا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، فلم يكن بينهما مُؤَاخَاةٌ، بَلْ آخَى بَيْنَ عَلِيٍّ وَسَهْلِ بْنِ حنيف.
السَّابِعُ: أَنَّ قَوْلَهُ: ((أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى)) إِنَّمَا قَالَهُ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ مَرَّةً وَاحِدَةً، لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْمَجْلِسِ أَصْلًا بِاتِّفَاقِ أهل العلم بالحديث.
قَالَ الرَّافِضِيُّ: السَّابِعُ: مَا رَوَاهُ الْجُمْهُورُ كَافَّةً أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا حَاصَرَ خَيْبَرَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً، وَكَانَتِ الرَّايَةُ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٍّ، فَلَحِقَهُ رَمَدٌ أَعْجَزَهُ عن الْحَرْبِ، وَخَرَجَ مُرَحَّبٌ يَتَعَرَّضُ لِلْحَرْبِ، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَا بَكْرٍ، فَقَالَ لَهُ: خُذِ الرَّايَةَ، فَأَخَذَهَا فِي جَمْعٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، فَاجْتَهَدَ وَلَمْ يُغْنِ شَيْئًا، وَرَجَعَ مُنْهَزِمًا، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ تعرَّض لَهَا عُمَرُ، فَسَارَ غَيْرَ بَعِيدٍ، ثُمَّ رَجَعَ يُخْبِرُ أَصْحَابَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: جِيئُونِي بِعَلِيٍّ، فَقِيلَ: إِنَّهُ أَرْمَدُ، فَقَالَ: أَرُونِيهِ أَرُونِي رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، لَيْسَ بفرَّار، فَجَاءُوا بِعَلِيٍّ، فَتَفَلَ فِي يَدِهِ وَمَسَحَهَا عَلَى عَيْنَيْهِ وَرَأْسِهِ فبرِئ، فَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ، فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ، وَقَتَلَ مُرَحَّبًا. وَوَصْفُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِهَذَا الْوَصْفِ يَدُلُّ عَلَى انْتِفَائِهِ عَنْ غَيْرِهِ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَفْضَلِيَّتِهِ فَيَكُونُ هُوَ الْإِمَامَ)) .