يبلغ سنّ التمييز، وَهُمْ يَقْبَلُونَ مِنَ الْأَكَاذِيبِ أَضْعَافَ مَا يَقْبَلُهُ هَؤُلَاءِ، وَيُعْرِضُونَ عَنِ الِاقْتِدَاءِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ أَكْثَرَ مِنْ إِعْرَاضِ هَؤُلَاءِ، وَيَقْدَحُونَ فِي خِيَارِ الْمُسْلِمِينَ قَدْحًا يُعَادِيهِمْ عَلَيْهِ هَؤُلَاءِ، فَهُمْ أَضَلُّ عَنْ مَصَالِحِ الْإِمَامَةِ مِنْ جَمِيعِ طَوَائِفِ الْأُمَّةِ، فَقَدْ فاتهم على قولهم أهم الدين وأشرفه.
(الْوَجْهُ الرَّابِعُ) : أَنْ يُقَالَ قَوْلُهُ الَّتِي يَحْصُلُ بِسَبَبِ إِدْرَاكِهَا نَيْلُ دَرَجَةِ الْكَرَامَةِ، كَلَامٌ بَاطِلٌ فإن مجرد معرفة إِمَامَ وَقْتِهِ وَإِدْرَاكِهِ بِعَيْنِهِ لَا يَسْتَحِقُّ بِهِ الكرامة، إن لم يوافق أمره وَإِلَّا فَلَيْسَتْ مَعْرِفَةُ إِمَامِ الْوَقْتِ بِأَعْظَمَ مِنْ معرفة الرسول صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَنْ عَرَفَ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ فَلَمْ يُؤْمِنْ بِهِ وَلَمْ يُطِعْ أَمْرَهُ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ شَيْءٌ مِنَ الْكَرَامَةِ.
وَلَوْ آمن بالنبي وعصاه، وضيع الفرائض وتعدّ الْحُدُودَ كَانَ مُسْتَحِقًّا لِلْوَعِيدِ عِنْدَ الْإِمَامِيَّةِ وَسَائِرِ طَوَائِفِ الْمُسْلِمِينَ، فَكَيْفَ بِمَنْ عَرَفَ الْإِمَامَ وَهُوَ مضيّع للفرائض متعدّ للحدود؟ وَكَثِيرٌ مِنْ هَؤُلَاءِ يَقُولُ حُبُّ عَلِيٍّ حَسَنَةٌ لَا يَضُرُّ مَعَهَا سَيِّئَةٌ، وَإِنْ كَانَتِ السَّيِّئَاتُ لَا تَضُرُّ مَعَ حُبِّ عَلِيٍّ فَلَا حَاجَةَ إِلَى الْإِمَامِ الْمَعْصُومِ، الَّذِي هُوَ لُطْفٌ فِي التَّكْلِيفِ، فَإِنَّهُ إِذَا لَمْ يُوجَدْ إِنَّمَا تُوجَدُ سَيِّئَاتٌ وَمَعَاصٍ، فَإِنْ كَانَ حُبُّ عَلِيٍّ كَافِيًا فسواء وجد الإمام أو لم يوجد..
(الْوَجْهُ الْخَامِسُ) : قَوْلُهُ وَهِيَ أَحَدُ أَرْكَانِ الْإِيمَانِ، الْمُسْتَحَقِّ بِسَبَبِهِ الْخُلُودُ فِي الْجِنَانِ، فَيُقَالُ لَهُ: مَنْ جَعَلَ هَذَا مِنَ الْإِيمَانِ إِلَّا أَهْلُ الجهل والبهتان؟ وسنتكلم إن شاء الله تعالى عَلَى مَا ذَكَرَهُ مِنْ ذَلِكَ.
وَاللَّهُ تَعَالَى وصف المؤمنين وأحوالهم، والنبي صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ فَسَّرَ الْإِيمَانَ، وَذَكَرَ شُعَبَهُ، وَلَمْ يَذْكُرِ اللَّهُ وَلَا رَسُولُهُ الْإِمَامَةَ، فِي أَرْكَانِ الْإِيمَانِ فَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ حَدِيثِ جِبْرِيلَ لما أتى النبي صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صُورَةِ أَعْرَابِيٍّ، وَسَأَلَهُ عَنِ الْإِسْلَامِ، وَالْإِيمَانِ، وَالْإِحْسَانِ، قَالَ لَهُ ((الْإِسْلَامُ: أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ الْبَيْتَ، قَالَ وَالْإِيمَانُ: أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ
وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَتُؤْمِنَ بِالْقَدْرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ)) (?) ولم يذكر الإمامة.