وفاطمة لكان البرزخ هُوَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِزَعْمِهِمْ - أَوْ غَيْرُهُ هُوَ الْمَانِعُ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَبْغِيَ عَلَى الْآخَرِ، وَهَذَا بِالذَّمِّ أَشْبَهُ مِنْهُ بِالْمَدْحِ.

السَّادِسُ: أَنَّ أَئِمَّةَ التَّفْسِيرِ مُتَّفِقُونَ عَلَى خِلَافِ هذا الذي ذكره، كما ذكره ابن جرير وغيره.

(فَصْلٌ)

قَالَ الرَّافِضِيُّ: ((الْبُرْهَانُ الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ: قَوْلُهُ تعالى: {وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ} (?) . مِنْ طَرِيقِ أَبِي نُعيم عَنِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ: هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ. وَفِي تَفْسِيرِ الثَّعْلَبِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ قَالَ: قُلْتُ: مَنْ هَذَا الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ؟ قَالَ: ذَلِكَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَفْضَلُ، فَيَكُونُ هُوَ الْإِمَامَ)) .

وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: الْمُطَالَبَةُ بِصِحَّةِ النَّقْلِ عَنِ ابْنِ سَلَامٍ وَابْنِ الْحَنَفِيَّةِ.

الثَّانِي: أَنَّهُ بِتَقْدِيرِ ثُبُوتِهِ لَيْسَ بِحُجَّةٍ مَعَ مُخَالَفَةِ الجمهور لهما.

الثَّالِثُ: أَنَّ هَذَا كَذِبٌ عَلَيْهِمَا.

الرَّابِعُ: أَنَّ هَذَا بَاطِلٌ قَطْعًا. وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ} (?) ، وَلَوْ أُريد بِهِ عَلِيٌّ لَكَانَ الْمُرَادُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَسْتَشْهِدُ عَلَى مَا قَالَهُ بِابْنِ عَمِّهِ عَلِيٍّ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ عَلِيًّا لَوْ شَهِدَ لَهُ بِالنُّبُوَّةِ وَبِكُلِّ مَا قَالَ، لَمْ يَنْتَفِعْ مُحَمَّدٌ بِشَهَادَتِهِ لَهُ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ حُجَّةً لَهُ عَلَى النَّاسِ، وَلَا يَحْصُلُ بِذَلِكَ دَلِيلُ الْمُسْتَدِلِّ، وَلَا يَنْقَادُ بِذَلِكَ أَحَدٌ، لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ: مِنْ أَيْنَ لِعَلِيٍّ ذَلِكَ؟ وَإِنَّمَا هُوَ اسْتَفَادَ ذَلِكَ مِنْ مُحَمَّدٍ، فَيَكُونُ مُحَمَّدٌ هُوَ الشَّاهِدَ لِنَفْسِهِ.

وَمِنْهَا أَنْ يُقال: إِنَّ هَذَا ابْنُ عَمِّهِ وَمِنْ أَوَّلِ مَنْ آمَنَ بِهِ، فيُظن بِهِ المحاباة والمداهنة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015