وصَدَّق بِهِ عَلِيٌّ. وَهَذِهِ فَضِيلَةٌ اخْتُصَّ بِهَا، فَيَكُونُ هُوَ الْإِمَامَ)) .

وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ هَذَا لَيْسَ مَنْقُولًا عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَقَوْلُ مُجَاهِدٍ وَحْدَهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ يَجِبُ اتِّبَاعُهَا عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، لَوْ كَانَ هَذَا النَّقْلُ صَحِيحًا عَنْهُ، فَكَيْفَ إِذَا لَمْ يَكُنْ ثَابِتًا عَنْهُ؟! فَإِنَّهُ قَدْ عُرف بِكَثْرَةِ الْكَذِبِ (?) .

وَالثَّابِتُ عَنْ مُجَاهِدٍ خِلَافُ هَذَا، وَهُوَ أَنَّ الصِّدْقَ هُوَ الْقُرْآنُ، وَالَّذِي صدَّق بِهِ هُوَ الْمُؤْمِنُ الَّذِي عَمِلَ بِهِ، فَجَعَلَهَا عامة.

الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ هَذَا مُعَارَضٌ بِمَا هُوَ أَشْهَرُ مِنْهُ عِنْدَ أَهْلِ التَّفْسِيرِ، وَهُوَ أَنَّ الَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ: مُحَمَّدٌ، وَالَّذِي صدَّق بِهِ: أَبُو بَكْرٍ، فَإِنَّ هَذَا يَقُولُهُ طَائِفَةٌ، وَذَكَرَهُ الطبري (?) بإسناده إلى عليّ.

الثَّالِثُ: أَنْ يُقال: لَفْظُ الْآيَةِ عَامٌّ مُطْلَقٌ لا يختص بأبي بكر ولا بعليّ، بَلْ كُلُّ مَنْ دَخَلَ فِي عُمُومِهَا دَخَلَ فِي حُكْمِهَا. وَلَا رَيْبَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيًّا أَحَقُّ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِالدُّخُولِ فيها، لكنها لا تختص بهم.

(فَصْلٌ)

قَالَ الرَّافِضِيُّ: الْبُرْهَانُ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ: قَوْلُهُ تعالى: {هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ} (?) مِنْ طَرِيقِ أَبِي نُعيم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: مَكْتُوبٌ عَلَى الْعَرْشِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، مُحَمَّدٌ عَبْدِي وَرَسُولِي أَيَّدْتُهُ بِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ فِي كِتَابِهِ: {هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ} ، يَعْنِي بِعَلِيٍّ. وَهَذِهِ مِنْ أَعْظَمِ الْفَضَائِلِ الَّتِي لَمْ تَحْصُلْ لِغَيْرِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ، فَيَكُونُ هُوَ الْإِمَامَ)) .

وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: الْمُطَالَبَةُ بِصِحَّةِ النَّقْلِ. وَأَمَّا مُجَرَّدُ الْعَزْوِ إِلَى رِوَايَةِ أَبِي نُعيم فَلَيْسَ حُجَّةً بِالِاتِّفَاقِ. وَأَبُو نُعيم لَهُ كِتَابٌ مَشْهُورٌ فِي ((فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ)) ، وَقَدْ ذَكَرَ قِطْعَةً مِنَ الْفَضَائِلِ فِي أَوَّلِ ((الْحِلْيَةِ)) ، فَإِنْ كَانُوا يَحْتَجُّونَ بِمَا رَوَاهُ، فَقَدْ رَوَى في فضائل أبي بكر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015