السَّادِسُ: أَنَّهُ قَدْ قِيلَ مَعْنَاهُ: إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ، وَهُوَ اللَّهُ تَعَالَى، وَهُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ. وَكَذَلِكَ قَوْلُ مَنْ قَالَ: أَنْتَ نَذِيرٌ وهادٍ لِكُلِّ قَوْمٍ، قَوْلٌ ضَعِيفٌ. وَالصَّحِيحُ أَنَّ مَعْنَاهَا: إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ، كَمَا أُرسل مِنْ قَبْلِكَ نذيرٌ، وَلِكُلِّ أُمَّةٍ نَذِيرٌ يَهْدِيهِمْ أَيْ يَدْعُوهُمْ، كَمَا فِي قَوْلِهِ: {وَإِنْ مِّنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خَلاَ فِيهَا نَذِيرٌ} (?) . وَهَذَا قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ، مِثْلَ قَتَادَةَ وَعِكْرِمَةَ وَأَبِي الضُّحَى وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ.

وَأَمَّا تَفْسِيرُهُ بِعَلِيٍّ فَإِنَّهُ بَاطِلٌ، لِأَنَّهُ قَالَ: {وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ هَادِي هَؤُلَاءِ غَيْرَ هَادِي هَؤُلَاءِ، فَيَتَعَدَّدُ الْهُدَاةُ، فَكَيْفَ يُجْعل عَلِيٌّ هَادِيًا لِكُلِّ قَوْمٍ مِنَ الأوَّلين والآخرين؟!

(فَصْلٌ)

قَالَ الرَّافِضِيُّ: ((الْبُرْهَانُ الرَّابِعَ عَشَرَ: قَوْلُهُ تعالى: {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ} (?) مِنْ طَرِيقِ أَبِي نُعيم عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ} عَنْ وِلَايَةِ عَلِيٍّ. وَكَذَا فِي كتاب ((الفردوس)) عن أبي سعيد الخدري رضي لله عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَإِذَا سُئِلُوا عَنِ الْوِلَايَةِ وَجَبَ أَنْ تَكُونَ ثَابِتَةً لَهُ، وَلَمْ يَثْبُتْ لِغَيْرِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ ذَلِكَ، فَيَكُونُ هُوَ الْإِمَامَ)) .

وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: الْمُطَالَبَةُ بِصِحَّةِ النَّقْلِ، وَالْعَزْوُ إِلَى ((الْفِرْدَوْسِ)) وَإِلَى أَبِي نُعيم لَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ.

الثَّانِي: أَنَّ هَذَا كَذِبٌ مَوْضُوعٌ بِالِاتِّفَاقِ.

الثَّالِثُ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {اَحْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ * مِن دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ * وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ* مَا لَكُمْ لاَ تَنَاصَرونَ بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُون} (?) .

فَهَذَا خِطَابٌ عَنِ الْمُشْرِكِينَ المكذِّبين بِيَوْمِ الدِّينِ، وَهَؤُلَاءِ يُسْأَلُونَ عَنْ تَوْحِيدِ اللَّهِ وَالْإِيمَانِ بِرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ. وَأَيُّ مَدْخَلٍ لِحُبِّ عليٍّ فِي سؤال هؤلاء؟ تراهم لو أحبّوه مع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015