كَالنَّسَائِيِّ؛ فَإِنَّهُ قَصَدَ أَنْ يَجْمَعَ فَضَائِلَ عَلِيٍّ فِي كِتَابٍ سَمَّاهُ ((الْخَصَائِصَ)) ، وَالتِّرْمِذِيُّ قَدْ ذَكَرَ أَحَادِيثَ مُتَعَدِّدَةً فِي فَضَائِلِهِ، وَفِيهَا مَا هُوَ ضَعِيفٌ بَلْ مَوْضُوعٌ، وَمَعَ هَذَا لَمْ يَذْكُرُوا هَذَا وَنَحْوَهُ.
قَالَ الرَّافِضِيُّ: ((قَالَ أَبُو عُمَرَ الزَّاهِدُ: قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: لَا نَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ بَعْدَ نَبِيِّهِ: ((سَلُونِي)) مِنْ شيثٍ إِلَى محمدٍ إِلَّا عَلِيٌّ، فَسَأَلَهُ الْأَكَابِرُ: أَبُو بكر وعمر وأشباههما، حتى انقطع السُّؤَالُ. ثُمَّ قَالَ بَعْدَ هَذَا: يَا كُمَيْل بن زياد، إن ههنا لَعِلْمًا جَمًّا لَوْ أَصَبْتُ لَهُ حَمَلَةً)) .
وَالْجَوَابُ: أَنَّ هَذَا النَّقْلَ إِنْ صَحَّ عَنْ ثَعْلَبٍ؛ فَثَعْلَبٌ لَمْ يَذْكُرْ لَهُ إِسْنَادًا حَتَّى يُحتج بِهِ. وَلَيْسَ ثَعْلَبٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ الَّذِينَ يَعْرِفُونَ صَحِيحَهُ مِنْ
سَقِيمِهِ، حَتَّى يُقال: قَدْ صَحَّ عِنْدَهُ. كَمَا إِذَا قَالَ ذَلِكَ أَحْمَدُ أَوْ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ أَوِ الْبُخَارِيُّ وَنَحْوُهُمْ. بَلْ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْ ثَعْلَبٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ يَذْكُرُونَ أَحَادِيثَ كَثِيرَةً لَا أَصْلَ لَهَا، فَكَيْفَ ثَعْلَبٌ؟! وَهُوَ قَدْ سَمِعَ هَذَا مِنْ بَعْضِ النَّاسِ الَّذِينَ لَا يَذْكُرُونَ مَا يَقُولُونَ عن أحد.
وعلي ّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمْ يَكُنْ يَقُولُ هَذَا بِالْمَدِينَةِ، لَا فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ وَلَا عُمَرَ وَلَا عُثْمَانَ، وَإِنَّمَا كَانَ يَقُولُ هَذَا فِي خِلَافَتِهِ فِي الْكُوفَةِ، لِيُعَلِّمَ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يَكُونُوا يَعْلَمُونَ مَا يَنْبَغِي لَهُمْ عِلْمُهُ. وَكَانَ هَذَا لِتَقْصِيرِهِمْ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ، وَكَانَ علي ّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَأْمُرُهُمْ بِطَلَبِ الْعِلْمِ وَالسُّؤَالِ.
وَحَدِيثُ كُمَيْل بْنِ زِيَادٍ يَدُلُّ عَلَى هَذَا؛ فإن كميلا من التابعين لم يَصْحَبْهُ إِلَّا بِالْكُوفَةِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَرَى تَقْصِيرًا مِنْ أُولَئِكَ عَنْ كَوْنِهِمْ حَمَلَةً لِلْعِلْمِ، وَلَمْ يَكُنْ يَقُولُ هَذَا فِي الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، بَلْ كَانَ عَظِيمَ الثَّنَاءِ عَلَيْهِمْ.
وَأَمَّا أَبُو بَكْرٍ فَلَمْ يَسْأَلْ عَلِيًّا قَطُّ عَنْ شَيْءٍ. وَأَمَّا عُمَرُ فَكَانَ يُشَاوِرُ الصَّحَابَةَ: عُثْمَانَ وَعَلِيًّا وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ وَابْنَ مَسْعُودٍ وَزَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ وَغَيْرَهُمْ. فَكَانَ عَلِيٌّ مِنْ أَهْلِ الشُّورَى.
(فَصْلٌ)
قَالَ الرَّافِضِيُّ: ((وَأَهْمَلَ حُدُودَ اللَّهِ فَلَمْ يَقْتَصَّ مِنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ وَلَا حدَّه حيث قتل