وَأَمَّا الْكَعْبَةُ فَإِنَّ اللَّهَ شَرَّفَهَا وَعَظَّمَهَا وَجَعَلَهَا محرَّمة، فَلَمْ يمكِّن اللَّهُ أَحَدًا مِنْ إِهَانَتِهَا لَا قَبْلَ الْإِسْلَامِ وَلَا بَعْدَهُ، بَلْ لَمَّا قَصَدَهَا أَهْلُ الْفِيلِ عَاقَبَهُمُ اللَّهُ الْعُقُوبَةَ الْمَشْهُورَةَ.
وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ وَقَوْلُهُ: ((إِنَّ قَاتِلَ الْحُسَيْنِ فِي تَابُوتٍ مِنْ نَارٍ عَلَيْهِ نِصْفُ عَذَابِ أَهْلِ النَّارِ، وَقَدْ شُدت يَدَاهُ وَرِجْلَاهُ بسلاسل من نار، يُنَكَّس في النار حتى يَقَعَ فِي قَعْرِ جَهَنَّمَ، وَلَهُ رِيحٌ يَتَعَوَّذُ أَهْلُ النَّارِ إِلَى رَبِّهِمْ مِنْ شِدَّةِ نَتْنِ ريحه، وفيها خَالِدٌ)) إِلَى آخِرِهِ.
فَهَذَا مِنْ أَحَادِيثِ الْكَذَّابِينَ الَّذِينَ لَا يَسْتَحْيُونَ مِنَ الْمُجَازَفَةِ فِي الْكَذِبِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَهَلْ يَكُونُ عَلَى وَاحِدٍ نِصْفُ عَذَابِ أَهْلِ النَّارِ؟ أَوْ يُقدِّر نِصْفُ عَذَابِ أَهْلِ النَّارِ؟ وَأَيْنَ عَذَابُ آلِ فِرْعَوْنَ وَآلِ الْمَائِدَةِ وَالْمُنَافِقِينَ وَسَائِرِ الْكُفَّارِ؟ وَأَيْنَ قَتَلَةُ الْأَنْبِيَاءِ، وَقَتَلَةُ السَّابِقِينَ الأوَّلين؟.
وَقَاتِلُ عُثْمَانَ أَعْظَمُ إِثْمًا مِنْ قَاتِلِ الْحُسَيْنِ. فَهَذَا الْغُلُوُّ الزَّائِدُ يُقَابَلُ بِغُلُوِّ النَّاصِبَةِ، اللذين يَزْعُمُونَ أَنَّ الْحُسَيْنَ كَانَ خَارِجِيًّا، وَأَنَّهُ كَانَ يَجُوزُ قَتْلُهُ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((مَنْ أَتَاكُمْ وَأَمْرُكُمْ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ يُرِيدُ أَنْ يفرِّق جَمَاعَتَكُمْ، فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ بِالسَّيْفِ كَائِنًا مَنْ كَانَ)) . رَوَاهُ مُسْلِمٌ (?) .
وَأَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ يَرُدُّونَ غُلُوَّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ، وَيَقُولُونَ: إِنَّ الحسين قُتل مَظْلُومًا شَهِيدًا، وَإِنَّ الَّذِينَ قَتَلُوهُ كَانُوا ظَالِمِينَ مُعْتَدِينَ. وَأَحَادِيثُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - التي يأمر فيها بقتال