فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ)) . وَقَالَ لِعَمَّارٍ: ((تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ)) لَمْ يَقُلِ: الْكَافِرَةُ (?) .
وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ صَحِيحَةٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ، وَهِيَ مَرْوِيَّةٌ بِأَسَانِيدَ مُتَنَوِّعَةٍ، لَمْ يَأْخُذْ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ. وَهَذَا مِمَّا يُوجِبُ الْعِلْمَ بِمَضْمُونِهَا. وَقَدْ أَخْبَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ الطَّائِفَتَيْنِ الْمُفْتَرِقَتَيْنِ مُسْلِمَتَانِ، وَمَدَحَ مَنْ أَصْلَحَ اللَّهُ بِهِ بينهما. وقد أَخْبَرَ أَنَّهُ تَمْرُقُ مَارِقَةٌ وَأَنَّهُ تَقْتُلُهَا أَدْنَى الطَّائِفَتَيْنِ إِلَى الْحَقِّ.
ثُمَّ يُقَالُ لِهَؤُلَاءِ الرَّافِضَةِ: لَوْ قَالَتْ لَكُمُ النَّوَاصِبُ: عَلِيٌّ قَدِ اسْتَحَلَّ دِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ، وَقَاتَلَهُمْ بِغَيْرِ أَمْرِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ عَلَى رِيَاسَتِهِ. وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ، وَقِتَالُهُ كُفْرٌ)) (?) . وقال: ((لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كفَّارا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ)) (?) فَيَكُونُ عَلِيٌّ كَافِرًا لِذَلِكَ - لَمْ تَكُنْ حُجَّتُكُمْ أَقْوَى مِنْ حُجَّتِهِمْ؛ لِأَنَّ الْأَحَادِيثَ الَّتِي احْتَجُّوا بِهَا صَحِيحَةٌ.
وَأَيْضًا فَيَقُولُونَ: قَتْلُ النُّفُوسِ فَسَادٌ، فَمَنْ قَتَلَ النُّفُوسَ عَلَى طَاعَتِهِ كَانَ مُرِيدًا لِلْعُلُوِّ فِي الْأَرْضِ وَالْفَسَادِ. وَهَذَا حَالُ فِرْعَوْنَ وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ:
{تِلْكَ الدارُ الآخرةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ ولا فسادا والعاقبة للمتقين} (?) ؛ فَمَنْ أَرَادَ الْعُلُوَّ فِي الْأَرْضِ وَالْفَسَادَ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ فِي الْآخِرَةِ. وَلَيْسَ هَذَا كَقِتَالِ الصِّدِّيقِ لِلْمُرْتَدِّينَ وَلِمَانِعِي الزَّكَاةِ؛ فَإِنَّ الصِّدِّيقَ إِنَّمَا قَاتَلَهُمْ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، لَا عَلَى طَاعَتِهِ. فَإِنَّ الزَّكَاةَ فرضٌ عَلَيْهِمْ، فَقَاتَلَهُمْ عَلَى الْإِقْرَارِ بِهَا، وَعَلَى أَدَائِهَا، بِخِلَافِ من قاتل ليُطاع هو.
قَالَ الرَّافِضِيُّ: ((وَقَدْ أَحْسَنَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ فِي قَوْلِهِ: شَرٌّ مِنْ إِبْلِيسَ مَنْ لَمْ يَسْبِقْهُ فِي سَالِفِ طَاعَتِهِ , وَجَرَى مَعَهُ فِي مَيْدَانِ مَعْصِيَتِهِ. وَلَا شَكَّ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ إِبْلِيسَ كَانَ أَعْبَدَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ , وَكَانَ يَحْمِلُ الْعَرْشَ وَحْدَهُ سِتَّةَ آلَافِ
سَنَةٍ, وَلَمَّا خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ وَجَعَلَهُ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ , وَأَمَرَهُ بِالسُّجُودِ فَاسْتَكْبَرَ فَاسْتَحَقَّ اللَّعْنَةَ وَالطَّرْدَ , وَمُعَاوِيَةُ لَمْ يَزَلْ فِي الْإِشْرَاكِ وَعِبَادَةِ الْأَصْنَامِ إِلَى أَنْ أَسْلَمَ بَعْدَ ظُهُورِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمُدَّةٍ طَوِيلَةٍ, ثُمَّ اسْتَكْبَرَ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ في