-فَإِنَّ رِوَايَةَ شَرِيكٍ فِيهَا أَوْهَامٌ كَثِيرَةٌ تُخَالِفُ رِوَايَةَ الْجُمْهُورِ عَنْ أَنَسٍ فِي أَكْثَرِ مِنْ عَشَرَةِ مَوَاضِعَ سَرْدُهَا فِي الْفَتْحِ وَسِيَاقُهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ بِالْمَعْنَى (?) ، وَصَرَّحَ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ أَنَّهُ لَمْ يُثْبِتْهَا. وَتَصْرِيحُ الْآيَةِ {سُبْحَانَ الَّذِي أسرى بعبده} (?) شَامِلٌ لِلرُّوحِ وَالْجَسَدِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ النَّجْمِ: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى} (?) جَعَلَ رُؤْيَةَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِجِبْرِيلَ عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى مُقَابِلًا لِرُؤْيَتِهِ إِيَّاهُ في الأبطح، وهي رؤيا عَيْنٍ حَقِيقَةً لَا مَنَامًا، وَلَوْ كَانَ الْإِسْرَاءُ وَالْمِعْرَاجُ بِرُوحِهِ فِي الْمَنَامِ لَمْ تَكُنْ مُعْجِزَةً ولا كان هناك معنى لتكذيب قريش بها وقولهم إنا نَضْرِبُ أَكْبَادَ الْإِبِلِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ شَهْرًا ذَهَابًا وَشَهْرًا إِيَابًا وَمُحَمَّدٌ يَزْعُمُ أَنَّهُ أُسَرِيَ بِهِ إِلَيْهِ وَأَصْبَحَ فِينَا إِلَى آخِرِ تَكْذِيبِهِمْ واستهزائهم به - صلى الله عليه وسلم -، فلو كان ذلك رؤيا مناماً لم يستعبدوه وَلَمْ يَكُنْ لِرَدِّهِمْ عَلَيْهِ مَعْنًى، لِأَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يَرَى فِي مَنَامِهِ مَا هُوَ أَبْعَدُ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَلَا يُكَذِّبُهُ أَحَدٌ اسْتِبْعَادًا لرؤياه.
روى البخاري ومسلم عن مسروق رحمه الله قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: يَا أمَّتاه هَلْ رَأَى مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَبَّهُ؟ فَقَالَتْ: (لَقَدْ قَفَّ (?) شَعْرِيَ مِمَّا