2-تفاضل أهل الإيمان فيه:

قال تَعَالَى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابق بالخيرات بإذن الله} (?) فقسم الله تَعَالَى النَّاجِينَ مِنْهُمْ إِلَى مُقْتَصِدِينَ وَهُمُ الْأَبْرَارُ أَصْحَابُ الْيَمِينِ الَّذِينَ اقْتَصَرُوا عَلَى الْتِزَامِ الْوَاجِبَاتِ وَاجْتِنَابِ الْمُحَرَّمَاتِ فَلَمْ يَزِيدُوا عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ ينقصوا منه، وإلى سابق الخيرات وهم المقربون الذين تقربوا إليه بالنوافل بعض الْفَرَائِضِ وَتَرَكُوا مَا لَا بَأْسَ بِهِ خَوْفًا مما به بأس، وَأَمَّا الظَّالِمُ لِنَفْسِهِ فَفِي الْمُرَادِ بِهِ عَنِ الصَّالِحِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْكَافِرُ، فَيَكُونُ كَقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي تَقْسِيمِهِمْ فِي سُورَةِ الْوَاقِعَةِ عِنْدَ الْبَعْثِ {وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً *فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ *وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ*وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ*أُولَئِكَ المقربون} (?) إلى الآيات، وقسمهم عند الاحتضار كذلك فقال: {فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ*فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ*وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ*فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ*وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ*فَنُزُلٌ مِنْ حميم*وتصلية جحيم} (?) .

والقول الثاني أن المراد له عُصَاةُ الْمُوَحِّدِينَ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ لِأَنْفُسِهِمْ، وَلَكِنْ ظُلْمٌ دُونَ ظُلْمٍ، لَا يَخْرُجُ مِنَ الدِّينِ وَلَا يخرج من النَّارِ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ قِسْمٌ ثَالِثٌ فِي تُفَاضِلِ أَهْلِ الْإِيمَانِ. وَرَجَّحَ هَذَا الْقَوْلَ ابْنُ القيم رحمه الله تعالى (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015