اللَّهِ إِيَّاهُ وَإِطِّلَاعِهِ عَلَيْهِ وَقُرْبِهِ مِنْهُ، فَإِذَا استحضر العبد هذا فِي عَمَلِهِ يَمْنَعُهُ مِنَ الِالْتِفَاتِ إِلَى غَيْرِ اللَّهِ وَإِرَادَتِهِ بِالْعَمَلِ، وَهَذَا الْمَقَامُ هُوَ الْوَسِيلَةُ الْمُوَصِّلَةُ إِلَى الْمَقَامِ الْأَوَّلِ، وَلِهَذَا أَتَى بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَعْلِيلًا لِلْأَوَّلِ فقال: (فإن تكن تراه فإنه يراك) وقد ذكر الله هَذَا الْمَعْنَى فِي غَيْرِ مَا مَوْضِعٍ مِنَ القرآن كما قال تعالى: {وما تكون في شأن وما تتلوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ} (?) .
وقال أيضاً: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ * الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ * وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ * إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ العليم} (?) فأولياء الله المتقون المحسنون استشعرت قُلُوبُهُمْ وَنُفُوسُهُمْ إِحَاطَةَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِهِمْ علماً وقدرة ولطفاً وخبرة بأقوالهم وأعمالهم وَنِيَّاتِهِمْ وَأَسْرَارِهِمْ وَعَلَانِيَاتِهِمْ وَحَرَكَاتِهِمْ وَسَكَنَاتِهِمْ وَجَمِيعِ أَحْوَالِهِمْ كَيْفَ عَمِلُوا وَأَيْنَ عَمِلُوا وَمَتَى عَمِلُوا فَكَانَ عملهم خالصاً لله موافقاً لشرعه.
وروى البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم -: (إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بها ورجله التي يشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن عاذ بي لَأُعِيذَنَّهُ، وَمَا تَرَدَّدْتُ (?) عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ ترددي عن نفس عبدي المؤمن يكره