بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ لله المحمودِ على كلِّ حال، والصلاة والسلام على سيِّدنا ومولانا محمدٍ وَسَلِّمْ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.
أمَّا بَعْدُ فإنِّي أُذَكِّرُكَ أَيُّهَا الصَّدِيقُ الْأَوْفَى، وَالْخَالِصَةُ الأَصفى، فِي مقدمةٍ يَنْبَغِي تَقْدِيمُهَا قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْمَقْصُودِ، وَهِيَ مَعْنَى قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم -: ((بُدِئ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بُدِئ فطُوبى للغُرَباءِ، قِيلَ: وَمَنِ الغرباءُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الَّذِينَ يُصْلِحُون عِنْدَ فَسَادِ النَّاسِ)) (?) .
وَجُمْلَةُ الْمَعْنَى فِيهِ مِنْ جِهَةِ وَصْفِ الْغُرْبَةِ مَا ظَهَرَ بِالْعِيَانِ وَالْمُشَاهَدَةِ فِي أوَّل الْإِسْلَامِ وَآخِرِهِ، وَذَلِكَ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى حِينِ فترةٍ مِنَ الرُّسُلِ، وَفِي جَاهِلِيَّةٍ جَهْلَاءَ، لَا تَعْرِفُ مِنَ الْحَقِّ رَسْمًا، وَلَا تُقِيمُ بِهِ